للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّرْعِ، فَلَوْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ مُدَّةِ الزَّرْعِ بَعْدَ جِزَازِهِ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ فَزَرَعَهَا مَا يُحْصَدُ فِي خَمْسَةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَجُزْ وَكَانَتِ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ وَاجِبَةً، وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِتَرْكِهِ، وَلَوْ كَانَ الزَّرْعُ مِمَّا لَوْ جُزَّ قَبْلَ حَصَادِهِ قَوِيَ أَصْلُهُ وَاسْتَخْلَفَ وَفَرَّخَ كَالدُّخْنِ فَجَزَّهُ قَبْلَ حَصَادِهِ كَانَ لَهُ اسْتِبْقَاءُ الْأَصْلِ الْبَاقِي إِلَى وَقْتِ الْحَصَادِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الزَّرْعِ، وَلَيْسَ لَهُ اسْتِبْقَاءُ مَا اسْتُخْلِفَ وَفَرَّخَ بَعْدَ الْحَصَادِ لِأَنَّهُ غَيْرُ ذَلِكَ الزَّرْعِ، وَعَلَى الْبَائِعِ قَلْعُهُ وَلَا يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي كَمَا لَا يَمْلِكُ أَصْلَ الْقَتِّ الَّذِي يُجَزُّ مِرَارًا، لِأَنَّ الْقَتَّ أَصْلٌ ثَابِتٌ وَالزَّرْعُ فَرْعٌ زَائِلٌ وَاسْتِخْلَافُ بَعْضِهِ نَادِرٌ.

فَصْلٌ:

فَأَمَّا إِذَا ابْتَاعَ أَرْضًا مَزْرُوعَةً وَشَرَطَ دُخُولَ الزَّرْعِ فِي الْبَيْعِ فَلَا يَخْلُو حَالُ الزَّرْعِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: - إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ اشْتَدَّ وَبَلَغَ الْحَصَادَ أَوْ لَا. - فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَالَ الْحَصَادِ وَكَانَتْ بَقْلًا أَوْ قَصِيلًا صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْأَرْضِ وَالزَّرْعِ وَلَا يَلْزَمُ فِي الزَّرْعِ اشْتِرَاطُ الْقَطْعِ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي الْعَقْدِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ فُقِدَ الْغَرَرُ بِهِ فَسَقَطَ اشْتِرَاطُ الْقَطْعِ فِيهِ وَصَارَ كَالثَّمَرَةِ التي لم يبدو صَلَاحُهَا إِذَا بِيعَتْ مَعَ نَخْلِهَا صَحَّ الْعَقْدُ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا الْقَطْعُ.

وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ قَدِ اشْتَدَّ وَاسْتُحْصِدَ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُشَاهَدَ الْحَبِّ لَيْسَ دُونَهُ حَائِلٌ يَمْنَعُ مِنْ رُؤْيَتِهِ كَالشَّعِيرِ فَالْبَيْعُ فِيهِ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ بَيْعُ هَذَا الزَّرْعِ مُنْفَرِدًا فَأَوْلَى أَنْ يَجُوزَ بَيْعُهُ تَبَعًا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ غَيْرَ مُشَاهَدِ الْحَبِّ بِكِمَامٍ يَمْنَعُ مِنْ رُؤْيَتِهِ كَالْحِنْطَةِ وَالْعَدَسِ فَفِي بَيْعِهِ لَوْ كَانَ مُفْرَدًا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ فَعَلَى هَذَا بَيْعُهُ مَعَ الْأَرْضِ أَوْلَى أَنْ يَجُوزَ.

وَالثَّانِي: بَيْعُهُ لَا يَجُوزُ فَعَلَى هَذَا فِي جَوَازِ بَيْعِهِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ لِأَنَّ مَا كَانَ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا لغيره جاز فقد رؤيته وجها له قَدْرِهِ كَأَسَاسِ الْبِنَاءِ وَلَبَنِ الضَّرْعِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْبَيْعَ فِيهِ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ تَبَعًا لِغَيْرِهِ فَهُوَ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْأَسَاسِ وَاللَّبَنِ.

فَإِذَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الزَّرْعِ فَفِي بُطْلَانِهِ فِي الْأَرْضِ قَوْلَانِ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.

وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَبْطَلَهُ فِي الْأَرْضِ قَوْلًا وَاحِدًا لِلْجَهْلِ بِحِصَّةِ مَا قَابَلَ الزَّرْعَ الْمَجْهُولَ مِنَ الثَّمَنِ، وَهَذَا مِنَ اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا في تعليل تفريق الصفقة.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِنْ كَانَ زَرْعًا يُجَزُّ مِرَارًا فَلِلْبَائِعِ جَزَةٌ وَاحِدَةٌ وَمَا بَقِيَ فَكَالْأَصْلِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>