عَنِ الْغُلَامِ، وَلَا يُعَقُّ عَنِ الْجَارِيَةِ، لِأَنَّ الْعَقِيقَةَ السُّرُورُ وَالسُّرُورُ يَخْتَصُّ بِالْغُلَامِ دُونَ الْجَارِيَةِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِمَا رِوَايَةُ أُمِّ كُرْزٍ قَالَتْ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْحُدَيْبِيَّةِ أَسْأَلُهُ عَنْ لُحُومِ الْهَدْيِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شاةٌ لَا يَضُرُّكُمْ ذُكْرَانًا كَانُوا أَوْ إِنَاثًا " وَالْمُكَافِئَتَانِ الْمِثْلَانِ.
وَرَوَى الْأَعْرَجُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّ الْيَهُودَ يَعُقُّونَ عَنِ الْغُلَامِ وَلَا يَعُقُّونَ عَنِ الْجَارِيَةِ فَعُقُّوا عَنِ الْغُلَامِ شَاتَيْنِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شاةٌ " وَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ ثُمَّ عَلَى مَالِكٍ أَنَّهُ لَمَّا فُضِّلَ الْغُلَامُ عَلَى الْجَارِيَةِ فِي مِيرَاثِهِ وَأَحْكَامِهِ فُضِّلَ عَلَيْهَا فِي عَقِيقَتِهِ، وَدَلِيلٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَعُقَّ عَنِ الْجَارِيَةِ أَنَّ الْعَقِيقَةَ لِلتَّبَرُّكِ وَالتَّيَمُّنِ، فَاقْتَضَى أَنْ يَقْصِدَ التَّيَمُّنَ وَالتَّبَرُّكَ بِهَا بِالذَّبْحِ عَنْهُمَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " لَوْ أَطَاعَ اللَّهَ النَّاسُ فِي النَّاسِ لَمْ يَكُنْ ناسٌ " وَمَعْنَى أَطَاعَ أَيْ: اسْتَجَابَ دُعَاءَهُمْ مَعْنَاهُ أَنَّ النَّاسَ يُحِبُّونَ أَنْ يُولَدَ لَهُمُ الذُّكْرَانُ دُونَ الْإِنَاثِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْإِنَاثُ ذَهَبَ النَّسْلُ فَلَمْ يَكُنْ نَاسٌ.
(فَصْلٌ:)
وَالْفَصْلُ الثَّانِي: فِي صِفَةِ الْعَقِيقَةِ وَهِيَ مِنَ النَّعَمِ كَالضَّحَايَا وَفِي أَسْنَانِهَا مِنَ الْجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ وَالثَّنِيِّ مِنَ الْمَعْزِ، فَإِنْ عَدَلَ عَنِ الْغَنَمِ إِلَى الْبُدْنِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ كَانَ أَزْيَدَ مِنَ الْمَسْنُونِ وَأَفْضَلَ، وَإِنْ عَقَّ دون الجزع مِنَ الضَّأْنِ وَدُونَ الثَّنِيِّ مِنَ الْمَعْزِ فَفِي إقامة لسُّنَّةِ الْعَقِيقَةُ بِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا تَقُومُ بِهِ سُنَّةُ الْعَقِيقَةِ اعْتِبَارًا بِالْأُضْحِيَّةِ وَتَكُونُ ذَبِيحَةُ لَحْمٍ لَيْسَتْ بِعَقِيقَةٍ، لِأَنَّهُمَا مَسْنُونَتَانِ، وَقَدْ قَيَّدَ الشَّرْعُ سِنَّ إِحْدَاهُمَا فَتَقَرَّرَ بِهِ السِّنُّ فِيهِمَا، فَعَلَى هَذَا لَوْ عَيَّنَ الْعَقِيقَةَ فِي شَاةٍ وَأَوْجَبَهَا وَجَبَتْ كَالْأُضْحِيَّةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُبَدِّلَهَا بِغَيْرِهَا وَيَجِبُ أَنْ يَتَصَدَّقَ مِنْهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ لَحْمًا نِيئًا وَلَا يَخُصَّ بِهَا الْأَغْنِيَاءَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَقُومُ بِمَا دَوَّنَ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ سُنَّةَ الْعَقِيقَةِ، لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ أَوْكَدُ مِنْهَا لِتَعَلُّقِهَا بِسَبَبٍ رَاتِبٍ وَاحِدٍ عَامٍّ، فَجَازَ أَنْ تَكُونَ فِي السِّنِّ أَغْلَظَ مِنْهَا، فَعَلَى هَذَا لَوْ عَيَّنَ الْعَقِيقَةَ فِي شَاةٍ أَوْجَبَهَا لَمْ تَتَعَيَّنْ وَكَانَ عَلَى خِيَارِهِ بَيْنَ ذَبْحِهَا أَوْ ذَبْحِ غَيْرِهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَخُصَّ بِهَا الْأَغْنِيَاءَ، وَلَا يَلْزَمَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَإِنْ أَعْطَاهُمْ مَطْبُوخًا جَازَ. الْقَوْلُ فِي وَقْتِ العقيقة
وَالْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي وَقْتِ الْعَقِيقَةِ وَوَقْتِ ذَبْحِهَا هُوَ الْيَوْمُ السَّابِعُ لِرِوَايَةِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ " الْغُلَامُ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ فَاذْبَحُوا عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ ".
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي أَوَّلِ السَّبْعَةِ على وجهين:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute