قَبُولُهَا وَالْعَمَلُ بِهَا وَلَيْسَ رَدُّ الْحَاكِمِ لَهَا بِمَانِعٍ مِنْ عَمَلِ الْوَكِيلِ بِقَوْلِهِمَا لِأَنَّ قَوْلَهُمَا عِنْدَهُ خَبَرٌ وَعِنْدَ الْحَاكِمِ شَهَادَةٌ.
فَإِذَا سَأَلَ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِوَكَالَتِهِ نُظِرَ فَإِنْ كَانَتِ الْوَكَالَةُ فِيمَا إِذَا جَحَدَهَا الْمُوَكِّلُ تَعَلَّقَ بِالْوَكِيلِ فِيهَا زَائِدَةُ ضَمَانٍ كَالْبَيْعِ إِنْ لَزِمَهُ الْمُوَكِّلُ لَزِمَهُ الْوَكِيلُ ضَمَانُ مَا أُقْبِضَ مِنَ الْمَبِيعِ أَوْ كَالشِّرى إِنْ جَحَدَهُ الْمُوَكِّلُ لَزِمَ الْوَكِيلَ الْمُشْتَرِي أَوْ كَفِيلُ الْأَمْوَالِ يَلْزَمُهُ مَعَ الْجُحُودِ الضَّمَانُ أَوْ كَقَضَاءِ الدُّيُونِ يلزمه مع الجحود غرم مَا قُضِيَ. فَوَاجِبٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْوَكَالَةِ.
وَإِنْ كَانَتِ الْوَكَالَةُ فِيمَا إِنْ جَحَدَهُ الْمُوَكِّلُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْوَكِيلِ فِيهَا ضَمَانٌ كَالْوَكَالَةِ فِي إِثْبَاتِ الْحُقُوقِ وَالْمُطَالَبَةِ بِالشُّفْعَةِ وَمُقَاسَمَةِ الشُّرَكَاءِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُوَكِّلِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْوَكَالَةِ ثُمَّ لَا يَجُوزُ عَقْدُ الْوَكَالَةِ عَلَى أَجَلٍ أَوْ شَرْطٍ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْوَكَالَةِ بِالشُّرُوطِ وَالْآجَالِ فَاسِدَةٌ. فَإِذَا قَالَ: إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ وَكَّلْتُكَ فِي بَيْعِ دَارِي كَانَتِ الْوَكَالَةُ بَاطِلَةً لِعَقْدِهَا إِلَى أَجَلٍ وَلَوْ قَالَ قَدْ وَكَّلْتُكَ فِي بَيْعِ دَارِي إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ جَازَ، لِأَنَّهُ عَجَّلَ عَقْدَ الْوَكَالَةِ وَإِنَّمَا جَعَلَ رَأْسَ الشَّهْرِ مَحَلًّا لِوَقْتِ الْبَيْعِ.
وَهَكَذَا لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَتْ زَيْنَبُ فَقَدْ وَكَّلْتُكَ فِي طَلَاقِهَا لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُكَ فِي طَلَاقِ زَيْنَبَ إِنْ شَاءَتْ جَازَ.
(فَصْلٌ)
فَإِذَا ثَبَتَ مَا وَصَفْنَاهُ فَقَدْ يَنْقَسِمُ مَا تَضَمَّنَتْهُ الْوَكَالَةُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: -
أَحَدُهَا: مَا كَانَ عَمَلُ الْوَكِيلِ فِيهِ مَقْصُورًا عَلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ الْوَكَالَةُ دُونَ مَقْصُودِهِ، وَهُوَ مَا لَمْ يَكُنْ مَقْصُودُهُ وَاجِبًا عَلَى الْمُوَكِّلِ كَالتَّوْكِيلِ فِي إِثْبَاتِ الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْحَدَّ وَالْقِصَاصَ بَعْدَ إِثْبَاتِهِ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَهُ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى مُوَكِّلِهِ.
وَهَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِدَيْنٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْضُهُ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ وَإِنْ وَكُلَّهُ فِي الْمُخَاصَمَةِ فِي دَارٍ يَدَّعِيهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبَضُهَا وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي إِثْبَاتِ مَنْفَعَةٍ يَسْتَحِقُّهَا لَمْ يَكُنْ له انتزاعها وكان عمل الوكيل في هذا الْأَحْوَالِ كُلِّهَا مَقْصُورًا عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ الْإِذْنُ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا كَانَ عَمَلُ الْوَكِيلِ فِيهِ مُتَجَاوِزًا إِلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ الْوَكَالَةُ مِنْ مَقْصُودِهِ وَهُوَ مَا كَانَ مَقْصُودُهُ وَاجِبًا عَلَى الْمُوَكِّلِ كَالتَّوْكِيلِ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرًى فَلَهُ إِذَا عَقَدَ الْبَيْعَ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَبِيعَ وَيَتَسَلَّمَ الثَّمَنَ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ لَهُ الْمُوَكِّلُ بِهِ لِأَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ أَوْجَبَ عَلَيْهِ تَسْلِيمَ مَا بَاعَهُ وَهُوَ مَنْدُوبٌ إِلَى أَنْ لَا يُسَلِّمَ الْمَبِيعَ إِلَّا بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِهِ فَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يَتَجَاوَزَ مَا تَضَمَّنَهُ الْعَقْدُ إِلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَقَبْضِ ثَمَنِهِ.
وَهَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَى سِلْعَةً جَازَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهَا وَيَدْفَعَ ثَمَنَهَا لِأَنَّ عَقْدَ الشِّرَى قَدْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ دَفْعَ الثَّمَنِ وَهُوَ مَنْدُوبٌ إِلَى أَنْ لَا يَدْفَعَ الثَّمَنَ إِلَّا بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute