للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: " وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُكْرِهَ أَمَتَهُ عَلَى واحدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ بنكاحٍ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ: لِلسَّيِّدِ أَنْ يُجْبِرَ أَمَتَهُ عَلَى النِّكَاحِ لِيَكْتَسِبَ بِذَلِكَ الْمَهْرَ، وَالنَّفَقَةَ، وَلَا يُجْبَرُ السَّيِّدُ عَلَى نِكَاحِهَا إِذَا طَلَبَتْ؛ لِأَنَّهَا فِرَاشٌ لَهُ وَإِذَا كَانَ لِلسَّيِّدِ إِجْبَارُهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُكْرِهَهَا عَلَى نِكَاحِ مَجْنُونٍ، وَلَا مَجْذُومٍ وَلَا أَبْرَصَ، وَلَا مَجْبُوبٍ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِكُ فِي حَقِّ النِّكَاحِ حق الِاسْتِمْتَاعِ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهَا الْمُطَالَبَةَ بِحَقِّ الْإِيلَاءِ وَالْعُنَّةِ دُونَ السَّيِّدِ، وَاسْتِمْتَاعُهَا بِمَنْ ذَكَرْنَا مِنْ ذَوِي النَّقْصِ وَالْعُيُوبِ لَا يَكْمُلُ لِنُفُورِ النَّفْسِ عَنْهُمْ فَمُنِعَ السَّيِّدُ مِنْ تَزْوِيجِهَا بِهِمْ، فَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَهُ تَزْوِيجُهَا بِهِ وَكَذَلِكَ بِمَنْ لَا يُكَافِئُ الْحُرَّةَ فِي حَالٍ أَوْ نَسَبٍ لِكَمَالِ استمتاعها بهم مع كونهم أكفأها فَإِنْ خَالَفَ السَّيِّدُ وَزَوَّجَهَا بِمَنْ ذَكَرْنَا مِنْ ذَوِي النَّقْصِ وَالْعُيُوبِ فَفِي النِّكَاحِ قَوْلَانِ عَلَى مَا مَضَى:

أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ.

وَالثَّانِي: جَائِزٌ وَيُسْتَحَقُّ فِيهِ الْفَسْخُ، وَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يَفْسَخَ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَرْدُودٌ إِلَى خِيَارِهَا فَأَمَّا إِذَا أَرَادَ السَّيِّدُ بَيْعَهَا عَلَى مَجْنُونٍ ومجذوم وأبرص ومجبوب فله ذاك وَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ النِّكَاحِ، وَالْبَيْعِ: أَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ الِاسْتِمْتَاعُ فَأَثَّرَ فِيهِ مَا مَنَعَ مِنْهُ وَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُ مَنْ لَا يَحِلُّ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا مِنَ الْأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ فِي الْبَيْعِ إِلَّا الْمِلْكُ دُونَ الاستمتاع ولذلك جاز ملك من لا يحل مِنَ الْأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ فَجَازَ لَهُ بَيْعُهَا عَلَى من لا يقدر على الاستمتاع بها كَمَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا عَلَى امْرَأَةٍ وَلِهَذَا المعنى قلنا في الأمة إن لهذا الْقَسْمَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَى الزَّوْجِ وَلَيْسَ لَهَا فِي الْمَالِ قَسَمٌ عَلَى السَّيِّدِ.

مَسْأَلَةٌ

قال الشافعي: " وَلَا يُزَوِّجَ أحدٌ أَحَدًا مِمَّنْ بِهِ إِحْدَى هَذِهِ الْعِلَلِ وَلَا مَنْ لَا يُطَاقُ جِمَاعُهَا وَلَا أَمَةٌ لِأَنَّهُ مِمَنْ لَا يَخَافُ الْعَنَتَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: لِمَا ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ مَنْعَ الْأَبِ وَالسَّيِّدِ مِنْ تَزْوِيجِ بِنْتِهِ وأمته بمن ذكرنا عيبه يمنع السيد أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَهُ وَعَبْدَهُ بِهِمْ، فَلَا يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِمَجْنُونَةٍ وَلَا من بِهِ الْعُيُوبُ الَّتِي ذَكَرْنَا لِتَعَذُّرِ اسْتِمْتَاعِهِ بِهِنَّ وَعَدَمِ الْحَظِّ لَهُ فِي نِكَاحِهِنَّ، وَكَذَلِكَ لَا يُزَوِّجُهُ بِأَمَةٍ يَسْتَرِقُّ وَلَدُهُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ إِلَّا لِخَوْفِ الْعَنَتِ وَهُوَ مَأْمُونٌ فِي الصَّغِيرِ فَإِنْ زَوَّجَهُ بِوَاحِدَةٍ مِنْ هَؤُلَاءِ، فَفِي النِّكَاحِ قَوْلَانِ عَلَى مَا مَضَى:

أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ.

وَالثَّانِي: جَائِزٌ.

وَفِي الْفَسْخِ وَجْهَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>