للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُقَوَّمُ الْوَلَدُ وَقْتَ الْوِلَادَةِ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ فِي وَقْتِ كَوْنِهِ حَمْلًا لَا يُوصَلُ إِلَى مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ. فَدَعَتِ الضَّرُورَةُ إِلَى اعْتِبَارِ قِيمَتِهِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، وَإِنْ حَدَثَتْ فِيهِ زِيَادَةٌ لَا يُمَلَّكْهَا. كَمَا يُقَوَّمُ عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَأَوْلَدَهَا وَلَدًا صَارَ بِالْعُلُوقِ حُرًّا فَيُقَوَّمُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ صَارَ بِالْعُلُوقِ حُرًّا، وَعِنْدَ الْوِلَادَةِ زَائِدًا، لِتَعَذُّرِ تَقْوِيمِهِ حَالَ الْعُلُوقِ. كَذَلِكَ هَاهُنَا.

فَعَلَى هَذَا يُمْنَعُ مِنَ الْوَلَدِ إِلَى نِصْفِ قِيمَتِهِ لِأَجْلِ زِيَادَتِهِ، فَإِنْ بَذَلَتْ لَهُ نِصْفَ الْوَلَدِ فَفِي إِجْبَارِهِ عَلَى قَبُولِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ وَيُقَرُّ الزَّوْجُ عَلَى مِلْكِهِ لِاجْتِمَاعِهِ مَعَ الْأُمِّ فِي الْمِلْكِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَيُطَالِبُ بِتَنْصِيفِ الْقِيمَةِ. فَإِذَا أَخَذَ نِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ فَلَهُ نِصْفُ الْأُمِّ مَا لَمْ تَزِدْ وَلَمْ تَنْقُصْ، وَلَا يَجُوزُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْوَلَدِ وَبَيْنَ أُمِّهِ فِي الْمِلْكِ.

وَهَلْ تُجْبَرُ الزَّوْجَةُ عَلَى دَفْعِ نِصْفِ قِيمَةِ الْأُمِّ، أَوْ يُبَاعَانِ مَعًا؟ عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْوَجْهَيْنِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

[مسألة]

قال الشافعي: " فَإِنْ أَصْدَقَهَا عَرَضًا بِعَيْنِهِ أَوْ عَبْدًا فَهَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ فَلَهَا قِيمَتُهُ يَوْمَ وَقَعَ النِّكَاحُ فَإِنْ طَلَبَتْهُ فَمَنَعَهَا فَهُوَ غاصبٌ وَعَلَيْهِ أكثر ما كان قيمة (قال المزني) قد قال في كتاب الخلع لو أصدقها داراً فاحترقت قبل أن تقبضها كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي أَنْ تَرْجِعَ بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ تَكُونَ لَهَا الْعَرْصَةُ بِحِصَّتِهَا مِنَ المهر وقال فيه أيضاً لو خلعها على عبدٍ بعينه فمات قبل أن تقبضه رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا كَمَا يَرْجِعُ لَوِ اشتراه منها فمات رجع بالثمن الذي قبضت (قال المزني) هذا أشبه بأصله لأنه يجعل بدل النكاح وبدل الخلع في معنى بدل البيع المستهلك فإذا بطل البيع قبل أن يقبض وقد قبض البدل واستهلك رجع بقيمة المستهلك وكذلك النكاح والخلع إذا بطل بدلهما رجع بقيمتهما وهو مهر المثل كالبيع المستهلك ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا كَانَ الصَّدَاقُ مُعَيَّنًا مِنْ عُرُوضٍ أَوْ حُبُوبٍ، كَعَبْدٍ، أَوْ بَعِيرٍ، أَوْ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ، فَتَلِفَ فِي يَدِ الزَّوْجِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَفِي بُطْلَانِ الصَّدَاقِ بِتَلَفِهِ، وَفِيمَا يَسْتَحِقُّ الرُّجُوعَ بِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَنَّ الصَّدَاقَ لَا يَبْطُلُ مِنَ الْعَقْدِ بِتَلَفِهِ فِي يَدِ الزَّوْجِ وَأَنَّ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ.

وَدَلِيلُهُ شَيْئَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ كُلَّ مَا وَجَبَ تَسْلِيمُهُ مَعَ بَقَائِهِ إِذَا هَلَكَ مَضْمُونًا مَعَ بَقَاءِ سَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ يُوجِبُ ضَمَانَ قِيمَتِهِ كالمغصوب والعوادي.

<<  <  ج: ص:  >  >>