هَلْ يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا إِذَا طَلَبَهَا بعد دفعه للصداق؟ تقسيم
[مسألة]
قال الشافعي: " وَتُؤَخَّرُ يَوْمًا وَنَحْوَهُ لِتُصْلِحَ أَمْرَهَا وَلَا يَجَاوِزُ بِهَا ثَلَاثًا إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَغِيرَةً لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ فَيَمْنَعُهُ أَهْلُهَا حَتَّى تَحْتَمِلَ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا دَفَعَ الزَّوْجُ صَدَاقَ زَوْجَتِهِ وَسَأَلَهَا تَسْلِيمَ نَفْسِهَا لَمْ يَخْلُ حَالُهَا مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
إِمَّا أَنْ تَكُونَ صَغِيرَةً، أَوْ كَبِيرَةً.
فَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً لَزِمَهَا تَسْلِيمُ نَفْسِهَا كَمَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِهِ، وَالْمُؤَجِّرَ تَسْلِيمُ مَا أَجَّرَ بَعْدَ قَبْضِ أُجْرَتِهِ.
فَإِنِ اسْتَنْظَرَتْهُ لِبِنَاءِ دَارٍ أَوِ اسْتِكْمَالِ جِهَازٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إِنْظَارُهَا وَإِنِ اسْتَنْظَرَتْهُ لِمُرَاعَاةِ نَفْسِهَا وَتَعَاهُدِ جَسَدِهَا لَزِمَهُ انْتِظَارُهَا يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ وَأَكْثَرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَسْتَغْنِي مَعَ بُعْدِ عَهْدِهَا بِالزَّوْجِ عَنِ التَّأَهُّبِ لها بِمُرَاعَاةِ جَسَدِهَا وَتَفَقُّدِ بَدَنِهَا لَوْ أَنَّهَا رُبَّمَا كَانَتْ عَلَى صِفَةٍ تُنَفِّرُ نَفْسَ الزَّوْجِ مِنْهَا.
وَقَدْ رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَى إِذَا أَطَالَ الرَّجُلُ الْغَيْبَةَ أَنْ يَطْرُقَ أهله ليلاً.
فما نَهَى الزَّوْجَ الَّذِي قَدْ أَلِفَهَا، وَأَلِفَتْهُ عَنْ أن يطرقها ليلاً ولم تتأهب له لأن لا يُصَادِفَهَا عَلَى حَالٍ تَنْفُرُ مِنْهَا نَفْسُهُ فَالزَّوْجُ الَّذِي لَمْ يَأْلَفْهَا وَلَمْ تَأْلَفْهُ، وَلَمْ يَعْرِفْهَا وَلَمْ تَعْرِفْهُ أَوْلَى بِالنَّهْيِ.
وَأَكْثَرُ مُدَّةِ إِنْظَارِهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ لَهَا فِي الشَّرْعِ أَصْلًا وَأَنَّهَا أَكْثَرُ الْقَلِيلِ وَأَقَلُّ الْكَثِيرِ، وَهَذَا مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ هَاهُنَا وَفِي كِتَابِ " الْأُمِّ " وَقَالَ فِي " الْإِمْلَاءِ ".
لَا تُمْهَلُ، وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا قَالَهُ هَاهُنَا وَفِي الْأُمِّ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهَا لَا تُمْهَلُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ رَدًّا عَلَى مَالِكٍ فِي جَوَازِ إِمْهَالِهَا السَّنَةَ.
فَصْلٌ
وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُمْكِنَ الِاسْتِمْتَاعُ بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّهَا ابْنَةُ تِسْعٍ أَوْ عَشْرٍ قَدْ قَارَبَتِ الْبُلُوغَ وَأَمْكَنَ اسْتِمْتَاعُ الْأَزْوَاجِ بِهَا، فَهِيَ كَالْكَبِيرَةِ، لَهَا أَنْ يُطَالِبَهُ وَلِيُّهَا بِمَهْرِهَا وَعَلَيْهَا تَسْلِيمُ نَفْسِهَا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ لَا يُمْكِنَ الِاسْتِمْتَاعُ بِمِثْلِهَا، لِأَنَّهَا ابْنَةُ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ بِحَسْبِ حَالِهَا، فَرُبَّ صَغِيرَةِ السِّنِّ يُمْكِنُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا وَرُبَّ كَبِيرَةِ السِّنِّ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا