للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم يفعل وشرب جمعيه جَازَ وَإِنْ كَرِهْنَاهُ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ لَحْمِهَا نُسِخَ وَتَقَدُّمُ الِانْتِفَاعِ بِهَا مَكْرُوهٌ. جَزُّ الصُّوفِ

(مَسْأَلَةٌ:)

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَلَا يَجُزُّ صُوفَهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يُمْنَعُ مِنْ جِزَازِ صُوفِهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ تَرْكُهُ مُضِرًّا بِهَا لِأَنَّهُ أَحْفَظُ لَهَا وَأَكْمَلُ وَلِأَنَّهُ يَبْعُدُ اسْتِخْلَافُهُ بِخِلَافِ اللَّبَنِ وَإِنْ كَانَ جِزَازُهُ أَنْفَعَ بِهَا فَإِنْ قَرُبَ زَمَانُ نَحْرِهَا تَرَكَهُ عَلَيْهَا حَتَّى يَنْحَرَهَا وَإِنْ بَعُدَ زَمَانُ نَحْرِهَا جَزَّهُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ أَصْلَحُ لِبَدَنِهَا، فَإِنْ جَزَّهُ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِتَرْكِهِ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ تَرَكَهُ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِجَزِّهِ كَرِهْنَاهُ وَلَمْ يَضْمَنْ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ الصُّوفِ بَعْدَ جَزِّهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ أُضْحِيَّتِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا، وَيَسَلُكُ بِهِ مَسْلَكَ اللَّبَنِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.

(مَسْأَلَةٌ:)

قَالَ الشافعي: " وَإِنْ أَوْجَبَهَا هَدْيًا وَهُوَ تامٌّ ثَمَّ عَرَضَ لَهُ نقصٌ وَبَلَغَ الْمَنْسَكَ أَجْزَأَ إِنَّمَا أُنْظِرَ فِي هَذَا كُلِّهِ إِلَى يَوْمٍ يُوجِبُهُ وَيَخْرُجُ مِنْ مَالِهِ إِلَى مَا جَعَلَهُ لَهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: إِذَا أَوْجَبَ أُضْحِيَّةً سَلِيمَةً مِنَ الْعُيُوبِ فَحَدَثَ بِهَا قَبْلَ نَحْرِهَا مَا يَمْنَعُ مِنِ ابْتِدَاءِ الْأُضْحِيَّةِ بِهَا مِنْ عَوَرٍ أَوْ عَرَجٍ ضَحَّى بِهَا وَأَجْزَأَتْهُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ كَانَ مُوجِبُهَا مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ الْأُضْحِيَّةَ لِسِفْرٍ أَوْ عُدْمٍ أَجَزْأَهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ الْأُضْحِيَّةُ بِالْمَقَامِ وَالْيَسَارِ لَمْ يَجُزِهِ، لِأَنَّ النَّقْصَ فِي الْوَاجِبِ مَرْدُودٌ كَالْمَعِيبِ فِي الزِّكْوَاتِ وَفِي الْمَشْهُورِ تُجْزِئُ كَالْعَيْبِ فِي الصَّدَقَاتِ.

وَدَلِيلُنَا مَا رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَوْجَبْتُ أُضْحِيَّةً وَقَدْ أَصَابَهَا عورٌ فَقَالَ " ضَحِّ بِهَا " فَلَمَّا أَمَرَهُ بِذَبْحِهَا وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ دَلَّ عَلَى إِجْزَائِهَا.

وَلِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ عَلَى صِفَةِ الْإِجْزَاءِ فَلَمْ يَمْنَعْ حُدُوثُ نَقْصِهِ مِنَ الْإِجْزَاءِ كَالْعِتْقِ فِي الْكَفَّارَةِ إِذَا حَدَثَ بَعْدَهُ نَقْصٌ يَمْنَعُ مِنَ الْكَفَّارَةِ كَانَ مُجْزِيًا كَذَلِكَ نَقْصُ الْأُضْحِيَّةِ، وَخَالَفَ عَيْبَ الزَّكَاةِ لِوُجُودِهِ عِنْدَ الْإِخْرَاجِ.

(فَصْلٌ:)

فَأَمَّا إِذَا أَوْجَبَ فِي ذِمَّتِهِ أُضْحِيَّةً عَنْ نَذْرٍ ثُمَّ أَوْجَبَهَا فِي شَاةٍ عَيَّنَهَا وَحَدَثَ بِهَا قَبْلَ الذَّبْحِ نَقْصٌ لَمْ يَجُزِهِ الْأُضْحِيَّةُ بِهَا، لِأَنَّ سَلَامَةَ مَا تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ مُسْتَحَقٌّ فِي الذِّمَّةِ تَمْنَعُ حُدُوثَ نَقْصِهِ مِنَ الْإِجْزَاءِ.

وَسَلَامَةُ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالذِّمَّةِ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ فِي الذِّمَّةِ فَلَمْ يَمْنَعْ حُدُوثُ نَقْصِهِ مِنَ الْإِجْزَاءِ وَإِذَا لَمْ تُجْزِهِ الْمَعِيبَةُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِسَلِيمَةٍ وَلَمْ يَلْزَمْهُ ذَبْحُ الْمَعِيبَةِ، لِأَنَّهُ أَوْجَبَهَا لِيُسْقِطَ بِهَا مَا فِي ذِمَّتِهِ، فَإِذَا بَطَلَ إِجْزَاؤُهَا بَطَلَ إِيجَابُهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>