للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: أَنَّ السَّبْيَ قَدْ أَحْدَثَ حَجْرًا فَجَازَ أَنْ يَبْطُلَ بِهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ نِكَاحِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ.

فَصْلٌ

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ النِّكَاحَ بِحَالِهِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي إِقْرَارُ الزَّوْجِ عَلَى نِكَاحِهِ، وَلَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِنِكَاحِهِ لِتَفْوِيتِ بُضْعِهَا عليه.

[مسألة]

قال الشافعي: " وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ كان عبداً وعن ابن عباس أنه كان عبداً يقال له مغيثٌ كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للعباس رضي الله عنه يا عباس ألا تعجب من حب مغيثٍ بريرة ومن بغض بريرة مغيثاً؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لو راجعته فإنما هو أبو ولدك " فقالت يا رسول الله بأمرك؟ قال " إنما أنا شفيعٌ " قالت فلا حاجة لي فيه وعن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ كان عبداً (قال الشافعي) رحمه الله ولا يشبه العبد الحر لأن العبد لا يملك نفسه ولأن للسيد إخراجه عنها ومنعه منها ولا نفقة عليه لولدها ولا ولاية ولا ميراث بينهما ".

قال الماوردي: أما إذا أعتقت الْأَمَةُ تَحْتَ زَوْجٍ، وَكَانَ عَبْدًا فَلَهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ نِكَاحِهِ لِكَمَالِهَا وَنَقْصِهِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لِبَرِيرَةَ: " مَلَكْتِ نَفْسَكِ فَاخْتَارِي ".

فَأَمَّا إِذَا أعتقت الأمة وَزَوْجُهَا حُرٌّ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي خِيَارِهَا فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا.

وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ: ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةُ.

وَمِنَ التَّابِعِينَ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ.

وَمِنَ الْفُقَهَاءِ: رَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ.

وَقَالَ أبو حنيفة: وَصَاحِبَاهُ: لَهَا الْخِيَارُ.

وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَالثَّوْرِيُّ، وَطَاوُسٌ اسْتِدْلَالًا برواية إبراهيم بن الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَيَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَرِيرَةَ، وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا، وَهَذَا نَصٌّ قَالُوا: وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لِبَرِيرَةَ: " قَدْ مَلَكْتِ بُضْعَكِ فَاخْتَارِي " فَجَعَلَ عِلَّةَ اخْتِيَارِهَا أَنَّهَا مَلَكَتْ بُضْعَهَا، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ موجودة إذا أعتقت تحت حر لوجودها إذا أعتقت تَحْتَ عَبْدٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهَا الْخِيَارُ فِي الْحَالَيْنِ قَالَ: وَلِأَنَّهَا أُعْتِقَتْ تَحْتَ زَوْجٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهَا الْخِيَارُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>