وَقَوْلُهُ: ذُو عَدَدٍ مَحْصُورٍ احْتِرَازًا مِنَ الْقَسْمِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ بِالزَّوْجَةِ دُونَ الزَّوْجِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْظُورٍ.
وَقَوْلُهُ لِلزَّوْجِ إِزَالَةُ مِلْكِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ احْتِرَازًا مِنْ حَدِّ الْقَذْفِ فَإِنَّهُ مُعْتَبَرٌ بِالْمَقْذُوفَةِ وَتَحْرِيرُ هَذِهِ الْعِلَّةِ بِأَصَحَّ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ مَا مَلَكَهُ الزَّوْجُ بِنِكَاحِهِ إِذَا اخْتَلَفَ عَدَدُهُ بَعْدَ حَصْرِهِ كَانَ مُعْتَبَرًا بِالزَّوْجِ دُونَ الزَّوْجَةِ، أَصْلُهُ عَدَدُ الْمَنْكُوحَاتِ وَعِلَّةٌ أُخْرَى أَنَّهُ نَقْصٌ يُؤَثِّرُ فِي مَنْعِ الطَّلَاقِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُعْتَبَرًا بِالزَّوْجِ كَالْجُنُونِ وَالصِّغَرِ وَعِلَّةٌ ثَالِثَةٌ أَنَّ مَا اخْتَصَّ بِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إِذَا اخْتَلَفَ بِالْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ كَانَ مُعْتَبَرًا بِمَنْ يُبَاشِرُهُ كَالْعِدَّةِ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ فَهُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْخَبَرِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الزَّوْجِ إِذَا كَانَ عَبْدًا؛ لِأَنَّهُ هُوَ زَوْجُهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْحُرُّ إِنَّمَا يَنْكِحُهَا لِضَرُورَةٍ وَشَرْطٍ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الْعِدَّةِ فَهُوَ مَا جَعَلْنَاهَا بِهِ أَصْلًا فِي وُجُوبِ اخْتِصَاصِهَا بِالْمُبَاشِرِ لَهَا.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الْحُدُودِ فَهُوَ أَنَّهَا تَجِبُ عُقُوبَةً فَاخْتَصَّتْ بِالْفَاعِلِ لِسَبَبِهَا، وَالطَّلَاقُ مِلْكٌ فَاعْتُبِرَ بِهِ حَالُ مَالِكِهِ كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ.
(فَصْلٌ:)
فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ عَدَدَ الطَّلَاقِ مُعْتَبَرٌ بِالزَّوْجِ دُونَ الزَّوْجَةِ، فَإِنَّ الْحُرَّ يَمْلِكُ ثَلَاثَ طَلَقَاتٍ فِي الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ، وَأَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ طَلْقَتَيْنِ فِي الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ، فَالْحُرُّ يَمْلِكُ رَجْعَتَيْنِ، لِأَنَّهُ يَمْلِكُهَا بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ، وَالْعَبْدُ يَمْلِكُ رَجْعَةً وَاحِدَةً، لِأَنَّهُ يَمْلِكُهَا بَعْدَ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَهُ أَنْ يُرَاجِعَ بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ إِلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ، لِأَنَّهَا إِصْلَاحٌ ثَانٍ فِي الْعَقْدِ وَرَفْعُ تَحْرِيمٍ طَرَأَ عَلَيْهِ.
[(مسألة:)]
قال الشافعي: (وَالْقَوْلُ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ قَوْلُهَا) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهُنَّ فِي ذَلِكَ أُمَنَاءَ وَحَظَرَ عَلَيْهِنَّ كَتْمَهُ، وَقَرَنَهُ بِوَعِيدِهِ قَالَ تَعَالَى: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] . قِيلَ: مِنَ الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ، فَدَلَّ عَلَى قَبُولِ قَوْلِهِنَّ فِيهِ كَمَا قَالَ فِي الشَّهَادَةِ: {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ إثم عليه} [البقرة: ٢٨٣] . فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الشُّهُودِ مَقْبُولٌ، وَكَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمُفْتِي: (مَنْ كَتَمَ عِلْمًا يُحْسِنُهُ أَلْجَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ) .
فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَلَا يَخْلُو حَالُ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنْ تَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute