وَأَمَّا الْجَوَابُ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ مَالِكٌ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدُكُمْ بَعْدِي جَالِسًا " فَحَدِيثٌ مُرْسَلٌ رَوَاهُ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَكَانَ مِمَّنْ يَقُولُ بِالتَّنَاسُخِ وَالرَّجْعَةِ، وَيَتَظَاهَرُ بِسَبِّ السَّلَفِ الصَّالِحِ، فَلَمْ يَجِبْ قَبُولُ خَبَرِهِ، وَلَوْ وَجَبَ قَبُولُ خَبَرِهِ لَمْ يَجِبِ الْعَمَلُ بِهِ، لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَلَوْ سُلِّمَ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِهِ كَانَ مَحْمُولًا عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ، إِمَّا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ أَوْ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِ عَلَى صَلَاةِ الْقَارِئِ خَلْفَ الْأُمِّيِّ
قُلْنَا: فِي الْأُمِّيِّ كَلَامٌ، وَلَوْ سَلَّمْنَا لَمْ يَصِحَّ قِيَاسُهُ، لِأَنَّ الْإِمَامَ قَدْ تَحَمَّلَ القراءة موثراً فِي إِمَامَتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ فَقْدُ الْقِيَامِ مُؤَثِّرًا فيها
[(فصل)]
: فأما المضطجع إذا صلى مؤمناً بِقِيَامٍ وَقُعُودٍ فَصَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ مِنَ الْقِيَامِ جَائِزَةٌ
وَقَالَ أبو حنيفة: لَا يَجُوزُ للقائم أن يأتم بالمومئ " قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ أَوْ فِي الْفِعْلِ الَّذِي يَصِحُّ مِنْهُ، فَإِنِ ائْتَمَّ بِهِ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهَا لَمْ يَصِحَّ الصَّلَاةُ دُونَ بَعْضٍ
وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ هُوَ: أَنَّ عَجْزَ الْإِمَامِ عَنِ الْأَرْكَانِ الْكَامِلَةِ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ جَوَازِ الْإِمَامَةِ، وَلَا مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ مِنَ الْأَرْكَانِ الْمَفْرُوضَةِ، إِذَا عَجَزَ عَنِ الْإِتْيَانِ بِهَا انْتَقَلَ إِلَى بَدَلِهَا وَصَارَ الْبَدَلُ مَعَ الْعَجْزِ قَائِمًا مَقَامَ الرُّكْنِ الْمَفْرُوضِ فَجَازَتْ إِمَامَتُهُ، وَصَلَاةُ مَنْ أَمَّهُ
فَإِنْ قِيلَ: الْإِيمَاءُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، لِأَنَّ بَدَلَ الشيء يكون من غيره، ولا يجوز جُزْءًا مِنْ أَجْزَائِهِ كَالتُّرَابِ مَعَ الْمَاءِ، وَالْكَفَّارَاتِ، فَلَمَّا كَانَ الْإِيمَاءُ جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْهَا
وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْإِيمَاءَ هُوَ نَفْسُهُ رُكُوعٌ وَسُجُودٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْهُمَا وَلَيْسَ بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ يَقْدِرُ عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِانْحِنَاءِ فِي رُكُوعِهِ وَهُوَ رَاكِعٌ، وَإِنَّمَا كَانَ رُكُوعُهُ دُونَ رُكُوعِ الْقَادِرِ عَلَى الِانْحِنَاءِ، وَلَا يُقَالُ إِنَّمَا يأتي به من الرجوع هُوَ جُزْءٌ مِنْهُ كَذَا فِي الْإِيمَاءِ
الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الْجُزْءُ مِنَ الشيء بدلاً عنه كالقعود هو جُزْءٌ مِنَ الْقِيَامِ،