الْمَدِينَةِ وَالْمِيزَانُ مِيزَانُ أَهْلِ مَكَّةَ " فَكَانَ عَمَلُهُمْ بِذَلِكَ أَيْضًا حُجَّةً، فَإِنْ قِيلَ: وَهُوَ سُؤَالُ الكرخي من أصحابهم إنما عبروه خمسة أرطال، وثلث بِالْمَدِينَةِ وَرِطْلُ الْمَدِينَةِ رِطْلٌ، وَنِصْفٌ بِالْعِرَاقِيِّ فَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ بِالْعِرَاقِيِّ وَرُجُوعُ أبي يوسف وَهْمٌ مِنْهُ قِيلَ لَوْ كَانَ هَكَذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ أبي يوسف وَمَالِكٍ نِزَاعٌ، وَلَمَّا كَانَ مِثْلُ هَذَا يَخْفَى عَلَى الرَّشِيدِ وَمَنْ حَضَرَ مَعَ عِلْمِهِمْ بِالْخِلَافِ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ روي أنهم وزنوه خمسة أرطال وثلث بِالْعِرَاقِيِّ ثُمَّ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ، أَيْضًا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ " أَصْغَرُ الصِّيعَانِ صَاعُنَا " فَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا الصَّاعَ هُوَ أَكْبَرُ، وَأَنَّ صَاعَ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هُوَ الْأَصْغَرُ فَثَبَتَ قَوْلُنَا إنَّهُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ لِأَنَّهُ أَصْغَرُ الصِّيعَانِ فَأَمَّا مَا رَوَوْهُ مِنَ الْأَخْبَارِ فَضَعِيفَةٌ جِدًّا، وَلَوْ صَحَّتْ رِوَايَتُهَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا حُجَّةٌ، لِأَنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ وَأُمِّ أَنْفَعَ وَارِدٌ فِي صَاعِ الْمَاءِ، وَخِلَافُنَا فِي صَاعِ الزَّكَوَاتِ، وَقَدْ كَانَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - آصُعٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَأَمَّا حَدِيثُ مُجَاهِدٍ فَهُوَ عَنْ حزر وَالْحِرْزُ فِي الْمَقَادِيرِ غَيْرُ مَقْبُولٍ.
مَسْأَلَةٌ:
قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " ولا تقوم الزكاة ولو قومت كان لو أدى ثمن صاعٍ زبيبٍ ضروعٍ أدى ثمن آصعٍ حنطةٍ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ دَفْعَ الْقِيمَ فِي الزَّكَوَاتِ لَا يَجُوزُ، وَلَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ الْقِيمَةِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، فَلَوْ أَخْرَجَ قِيمَةَ الصَّاعِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لَا يَجُوزُ لِمَا مَضَى، وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَصَّ عَلَى قَدْرٍ مُتَّفَقٍ فِي أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَسَوَّى بَيْنَ قَدْرِهَا مَعَ اخْتِلَافِ أَجْنَاسِهَا وَقِيمَهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقَدْرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ دُونَ قِيمَتِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ فِيهِ لَوَجَبَ إِذَا كَانَ قِيمَةُ صَاعٍ مِنْ زبيب ضروع، وهو الزبيب الكبار أضعاف حنطة فأخرج من الزبيب نصف صاع قيمته من الحنطة صاع أن يجزئه فلما أجمعوا على أنه لا يجزئه، وَإِنْ كَانَ بِقِيمَةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ الْقِيمَةِ دُونَ الْمَنْصُوصِ عليه.
[مسألة:]
قال الشافعي رضي الله عنه: " ولا يؤدي إلا الحب نفسه لا يؤدي دقيقاً ولا سويقاً ولا قيمةً ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute