للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَالرَّشِيدِ، لِأَنَّ فِي ذَلِكَ حِفْظٌ لِمَالِهِ وَالْحَجْرُ يَمْنَعُهُ مِنْ إِتْلَافِهِ، وَإِنْ كَانَ مُدَّعًى عَلَيْهِ سُمِعَتِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُنْكِرُهَا فَيَسْتَحْلِفُ عَلَيْهَا أَوْ تَشْهَدُ بِهَا بَيِّنَةٌ فَيَكُونُ لَهَا حُكْمٌ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَخْلُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِي دَمٍ أَوْ مَالٍ. فَإِنْ كَانَتْ فِي دَمٍ لَمْ تَخْلُ مِنْ أَنْ تَكُونَ مُوجِبَةً لِلْقَسَامَةِ، أَوْ غَيْرَ مُوجِبَةٍ لَهَا، فَإِنْ أَوْجَبَتِ الْقَسَامَةَ لِوُجُودِ اللَّوْثِ فِي قَتْلِ نَفْسٍ، فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُقْسِمَ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، كَمَا يُقْسِمُ عَلَى الرَّشِيدِ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِمُوجِبِ أَيْمَانِهِ إِذَا حَلَفَ، فَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْأَيْمَانِ رُدَّتْ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالدَّعْوَى وَكَانَ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ كَالرَّشِيدِ، وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَى الدَّمِ غَيْرَ مُوجِبَةٍ لِلْقَسَامَةِ فَهِيَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ فِي عَمْدٍ يُوجِبُ الْقَوَدَ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا صَحَّ إِقْرَارُهُ كَمَا يَصِحُّ إِقْرَارُ الْعَبْدِ بِهَا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ عَنْهُ فَإِنَّ عُفِيَ عَنِ الْقَوَدِ وَجَبَتِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَأُخِذَتْ مِنْهُ مَعَ بَقَاءِ حَجْرِهِ، وَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ رُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي وَحُكِمَ لَهُ بِدَعْوَاهُ إِذَا حَلَفَ وَخُيِّرَ بَيْنَ الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ فِي خَطَأٍ يُوجِبُ الْمَالَ دُونَ القود فتسمع الدعوى عليه فإن أقر بها فَفِي صِحَّةِ إِقْرَارِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْأَصَحُّ إِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَالْمَالِ.

وَالثَّانِي: إِنَّهُ يَصِحُّ لِتَغْلِيظِ حُرْمَةِ الدِّمَاءِ وَالنُّفُوسِ، كَالْعَمْدِ فَإِنْ أَبْطَلَ إِقْرَارَهُ بِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَا عَاقِلَتَهُ وَإِنْ صَحَّ إِقْرَارُهُ بِهَا لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ دُونَ عَاقِلَتِهِ إِلَّا أَنْ يُصَدِّقُوهُ عَلَيْهَا فَيَتَحَمَّلُونَهَا عَنْهُ. وَإِنْ أَنْكَرَ الدَّعْوَى، أُحْلِفَ عَلَيْهَا فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ فَإِنْ قُلْنَا إِنَّ إِقْرَارَهُ يَصِحُّ رُدَّتِ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي وَحُكِمَ لَهُ إِذَا نَكَلَ، وَهَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي يَمِينِ الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ تَقُومُ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ أَوْ مَقَامَ الْإِقْرَارِ فَإِنْ قِيلَ إِنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ تَحَمَّلَتِ الْعَاقِلَةُ الدِّيَةَ كَمَا تَتَحَمَّلُهَا بِالْبَيِّنَةِ وَإِنْ قِيلَ إِنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الْإِقْرَارِ لَمْ تَتَحَمَّلْهَا الْعَاقِلَةُ كَمَا لَا تَتَحَمَّلُهَا بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ قُلْنَا إِنْ إِقْرَارَ السَّفِيهِ بِهَا بَاطِلٌ فَفِي رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِ السَّفِيهِ عَنْهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: تُرَدُّ عَلَيْهِ إِذَا قِيلَ إِنَّ يَمِينَهُ كَالْبَيِّنَةِ.

وَالثَّانِي: لَا تُرَدُّ إِذَا قِيلَ إِنَّ يَمِينَهُ كَالْإِقْرَارِ.

(فَصْلٌ)

وَإِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى فِي مَالٍ مَحْضٍ سُمِعَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ أَنْكَرَهَا حَلَفَ وَبَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ عَنْهَا كَانَ فِي رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ إِقْرَارُهُ قَوْلًا وَاحِدًا، لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنِ اسْتِهْلَاكِ مَالِهِ الَّذِي هُوَ مَتْهُومٌ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ. وَهَلْ يَلْزَمُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَمْ لَا؟ مُعْتَبَرًا بِالْمَالِ فَإِنْ كَانَ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>