للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُ كَمَا لَا يَلْزَمُ تَقْسِيطُهَا عَلَى الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ وَكَمَا لَا يَلْزَمُ تَقْسِيطُ الثَّمَنِ عَلَى أَعْيَانِ الصَّفْقَةِ وَإِنْ كَثُرَتْ وَاخْتَلَفَتْ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ تَقْسِيطَهَا عَلَى سِنِيِّ الْإِجَارَةِ واجب وإن لم يجب تقسيطها على الشهور فإن لم يذكر قسط كل سنة بطلت الإجارة.

ووجه ذلك أن عقد الْإِجَارَةِ غَيْرُ مُنْبَرِمٍ بِخِلَافِ بُيُوعِ الْأَعْيَانِ الْمُنْبَرِمَةِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَامَةِ وَالْعَطَبِ مَا لَمْ يُذْكَرْ قِسْطُ كُلِّ سَنَةٍ مِنْهَا وَأُجُورُ السِّنِينَ قَدْ تَخْتَلِفُ فَيَتَعَذَّرُ الْعِلْمُ بِقَدْرِ مَا يَسْتَحِقُّ الرُّجُوعَ بِهِ مِنَ الْأُجْرَةِ عِنْدَ انْتِقَاضِ الْإِجَارَةِ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ شُهُورُ السَّنَةِ الْمُتَمَاثِلَةِ غَالِبًا.

وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ كَاخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي السَّلَمِ إِذَا جَمَعَ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً أَوْ إِلَى آجَالٍ مُخْتَلِفَةٍ هَلْ يَلْزَمُ تَقْسِيطُ الثَّمَنِ عَلَى كُلِّ جِنْسٍ مِنْهَا لِأَنَّ عَقْدَ السَّلَمِ غَيْرُ مُنْبَرِمٍ كَالْإِجَارَةِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ سَلَامَةٍ وَعَطَبٍ. فَإِنْ قِيلَ إِنْ تَقْسِيطَ الْأُجْرَةِ عَلَى السِّنِينَ وَاجِبٌ جَازَ أَنْ يُسَاوِيَ بَيْنَ أُجُورِ السِّنِينَ وَيُفَاضِلَ فَإِنْ بَطَلَتِ الْإِجَارَةُ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ رَجَعَ بِالْمُسَمَّى لَهَا مِنَ الْأُجْرَةِ.

وَإِنْ قِيلَ إِنَّ تَقْسِيطَهَا على السين لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَبَطَلَتِ الْإِجَارَةُ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ قُدِّرَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ فِيمَا بَقِيَ وَرُبَّمَا تَفَاضَلَ ذَلِكَ بِحَسَبِ الزَّمَانِ أَوْ بِتَغَيُّرِ الْمُؤَاجِرِ ثُمَّ يُقَسَّطُ الْمُسَمَّى عَلَى ذَلِكَ وَنَنْظُرُ حِصَّةَ بَاقِي الْمُدَّةِ مِنَ الْمُسَمَّى فَيَكُونُ هُوَ الْقَدْرُ الْمَرْجُوعُ بِهِ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا إِذَا أَجَّرَ دَارَهُ كُلَّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدَ الشُّهُورِ وَغَايَتَهَا لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ فِيمَا عَدَا الشَّهْرَ الْأَوَّلَ لِلْجَهَالَةِ بِمَبْلَغِهِ فَصَارَ كَقَوْلِهِ أَجَّرْتُهَا مُدَّةً.

وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي صِحَّتِهَا وَلُزُومِهَا فَيَ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْإِجَارَةَ فِيهِ صَحِيحَةٌ لِكَوْنِهِ مَعْلُومًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ لِكَوْنِهِ وَاحِدًا مِنْ عَدَدٍ مَجْهُولٍ فَلَمْ يَتَمَيَّزْ فِي الْحُكْمِ.

وَقَالَ أبو حنيفة الْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ قَبْلَ دُخُولِهِ فَإِذَا دَخَلَ قَبْلَ فَسْخِهِ لَزِمَهُ وَجَعَلَ إِطْلَاقَ الشُّهُورِ مَعَ تَسْمِيَةِ الْأُجْرَةِ لِكُلِّ شَهْرٍ جَارِيًا مَجْرَى بَيْعِ الصُّبْرَةِ الْمَجْهُولَةِ الْقَدْرِ إِذَا سمى ثمن كل قفيز وَهَذَا خَطَأٌ لِلْجَهَالَةِ بِمَا تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ مِنَ الشُّهُورِ بِخِلَافِ الصُّبْرَةِ الَّتِي قَدْ أُشِيرَ إِلَيْهَا وَيَنْحَصِرُ كَيْلُهَا وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ فَلَا يَكُونَ لَهُ فَسْخُهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَوْ تَبْطُلَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهَا مَعَ الْعُذْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>