للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: فِيمَا يَخْتَصُّ بِزَوْجِهَا فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا وَحُمُولَتُهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلَا مِنْ سَهْمِ بَنِي السَّبِيلِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ فِيمَا يُخْتَصُّ بِهَا فَفِي وُجُوبِ نَفَقَتِهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: تَجِبُ عَلَيْهِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لِغِنَاهَا بِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ سَهْمِ بَنِي السَّبِيلِ لِأَنَّ حُمُولَتَهَا لَا تَلْزَمُهُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا نَفَقَةَ لَهَا، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ سَهْمِ بَنِي السَّبِيلِ.

فَصْلٌ:

فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ فِي عِدَّةٍ مِنْ طَلَاقِهِ فَإِنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا لِكَوْنِهَا رَجْعِيَّةً أَوْ حَامِلًا فِي طَلَاقٍ بَائِنٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ، وَلَا مِنْ سَهْمِ بَنِي السَّبِيلِ لِحَظْرِ السَّفَرِ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ، وَإِنْ لَمْ تجب نفقتها لكونها حائلا في طلاق بَائِنٌ جَازَ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ سَهْمِ بَنِي السَّبِيلِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي عِدَّةٍ مِنْ وطئه بشبهة فإن كانت حائلا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا، فَجَازَ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ سَهْمِ بَنِي السَّبِيلِ لِحَظْرِ السَّفَرِ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَفِي وُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: تَجِبُ، فَيَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلَا يُعْطِيهَا مِنْ سَهْمِ بَنِي السَّبِيلِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تَجِبُ نَفَقَتُهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلَا مِنْ سَهْمِ بَنِي السَّبِيلِ.

فَصْلٌ:

فَأَمَّا الزَّوْجَةُ فَيَجُوزُ لَهَا دَفْعُ زَكَاتِهَا إِلَى زَوْجِهَا مِنَ السِّهَامِ كُلِّهَا.

وَقَالَ أبو حنيفة: لَا يَجُوزُ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّهُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَمَنْعُ زَكَاةِ صَاحِبِهِ كَالزَّوْجِ إِلَى زَوْجَتِهِ.

وَلِأَنَّهُ وَارِثٌ لَا يَسْقُطُ بِالْحَجْبِ فَوَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ مِنَ الزَّكَاةِ كَالْأَبِ.

وَلِأَنَّهُ قَدْ تَرْتَفِقُ بِدَفْعِ زَكَاتِهَا إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَغْنِي بِهَا فَتَلْزَمُهُ لَهَا نَفَقَةُ مُوسِرٍ.

وَدَلِيلُنَا عُمُومُ قَوْله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لِزَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: " زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ عَلَيْهِمْ " فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى التَّطَوُّعِ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْوَلَدِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُدْفَعَ إِلَى الْوَلَدِ مِنَ الْفَرْضِ فَثَبَتَ أَنَّهُ التَّطَوُّعُ، فَعَنْ ذَلِكَ جَوَابَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ جَوَابُ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يكون أولاده من غيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>