للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَالِ مَنْ يَقْبَلُهَا، بَلْ قَالَ: قَدْ أَوْصَيْتُ إِلَى هَذَا الصَّبِيِّ إِذَا بَلَغَ، فَالْوَصِيَّةُ إِلَيْهِ بَاطِلَةٌ فِي الْحَالِ وَبَعْدَ بُلُوغِهِ، لِأَنَّهُ ليس في الحال بأهل لو مات الصبي قام بها، فلذلك بطلت.

فإن كَانَ لَهَا فِي الْحَالِ مَنْ يَقْبَلُهَا، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: قَدْ أَوْصَيْتُ إِلَى فُلَانٍ حَتَّى يَبْلُغَ وَلَدِي، فَإِذَا بَلَغَ فَهُوَ وَصِيٌّ: جَازَ، وَلَا يَجُوزُ مِثْل ذَلِكَ فِي الْوَكَالَةِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ عَقْدَ الْوَكَالَةِ مُعَجَّلٌ، فَلَمْ يَصِحَّ بِحُدُوثِ شَرْطٍ مُؤَجَّلٍ، وَعَقْدُ الْوَصِيَّةِ مُؤَجَّلٌ فَجَازَ أَنْ يَصِحَّ بِحُدُوثِ شَرْطٍ مُؤَجَّلٍ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِي: وَهُوَ الْعَقْلُ. فَلِأَنَّ الْجُنُونَ يَرْفَعُ الْقَلَمَ، وَيَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ التَّصَرُّفِ.

فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُجَنُّ فِي زَمَانٍ وَيَفِيقُ فِي زَمَانٍ: فَالْوَصِيَّةُ إِلَيْهِ بَاطِلَةٌ، سَوَاءٌ قَلَّ زَمَانُ جُنُونِهِ أَوْ كَثُرَ.

فَلَوْ أَوْصَى إِلَى عَاقِلٍ حَتَّى إِذَا أَفَاقَ هَذَا الْمَجْنُونُ كَانَ وَصِيًّا لَهُ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ كَالصَّبِيِّ إِذَا بَلَغَ.

وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ. لِأَنَّ بُلُوغَ الصَّبِيِّ لَازِمٌ، وَإِفَاقَةُ الْمَجْنُونِ مُجَوَّزَةٌ.

فَلَوْ أَوْصَى إِلَى عَاقِلٍ، وَطَرَأَ عَلَيْهِ جُنُونٌ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أن يستديم به، فالوصية إليه باطلة.

والثاني: أَنْ يَفِيقَ مِنْهُ. فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَطْرَأَ الْجُنُونُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي. فَالْوَصِيَّةُ إِلَيْهِ قَدْ بَطَلَتْ، كَالْوَكَالَةِ، وَالْوَكَالَةُ تَبْطُلُ بِحُدُوثِ الْجُنُونِ فَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ حُدُوثُ الْجُنُونِ وَالْإِفَاقَةِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي فَفِي بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ إِلَيْهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: قَدْ بَطَلَتْ كَمَا تَبْطُلُ بِحُدُوثِ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَبْطُلُ. لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنَ التصرف في حياة الموصي فلم يجز أن يكون مَمْنُوعًا بِحُدُوثِ الْجُنُونِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ حَالُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّالِثُ: وَهُوَ الْحُرِيَّةُ فَلِأَنَّ الْعَبْدَ مُوَلَّى عَلَيْهِ بِالرِّقِّ، فَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ وَالِيًا. وَلِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ لِحَقِّ السَّيِّدِ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّصَرُّفِ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَبْدَ نَفْسِهِ، أَوْ عَبْدَ غَيْرِهِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: تَجُوزُ الوصية إلى عبد نفسه وعبد غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>