للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ قِيلَ: يَتْبَعُهَا، كَانَ لِتُنَازُعِهِمَا فِيهِ تَأْثِيرٌ، لِأَنَّهَا تَدَّعِي عِتْقَهُ، وَالْوَارِثُ يَدَّعِي رقه.

فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْوَارِثِ مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الرِّقُّ فَلَمْ يُقْبَلْ فِيهِ قَوْلُ مَنِ ادَّعَى حُدُوثَ الْعِتْقِ فَإِنِ حَلَفَ الْوَارِثُ رَقَّ الْوَلَدُ وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الْأُمِّ، فَإِنْ حَلَفَتْ عَتَقَ الْوَلَدُ، وَإِنْ نَكَلَتْ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُحْكَمُ بِرِقِّهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُوقَفُ أَمْرُهُ لِيَحْلِفَ الْوَلَدُ بَعْدَ بُلُوغِهِ عَلَى مَا مَضَى مِنْ نَظَائِرِهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَقُولَ الْمُدَبَّرةُ: وَلَدْتُهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ: فَهُوَ حُرٌّ. وَيَقُولُ الْوَارِثُ: وَلَدَتْهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَهُوَ مَمْلُوكٌ. فَهَذَا بِعَكْسِ الْأَوَّلِ. وَإِنْ قِيلَ إِنَّ وَلَدَ الْمُدَبَّرةَ تَبَعٌ لَهَا فَلَا تَأْثِيرَ لِهَذَا التَّنَازُعِ، لِأَنَّهُ يُعْتَقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ فِي الْحَالَيْنِ.

وَإِنْ قِيلَ إِنَّ وَلَدَهَا فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ لَا يَتْبَعُهَا، كَانَ لِتَنَازُعِهِمَا فِيهِ تَأْثِيرٌ، لِأَنَّهَا تَدَّعِي عِتْقَهُ، وَالْوَارِثَ يَدَّعِي رِقَّهُ، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ جَرَى عَلَيْهِ فِي الْعُلُوقِ حُكْمُ الرِّقِّ لِأَنَّهَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ مَوْتِ السَّيِّدِ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ مَعَ يَمِينِهِ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ رِقِّهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يُنْكِرَ أَنَّهُ جَرَى عَلَيْهِ فِي الْعُلُوقِ حُكْمُ الرِّقِّ وَأَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَوَلَدَتْهُ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا. فَالْقَوْلُ هَاهُنَا قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا، لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ فِي النَّاسِ أَصْلٌ، وَالرِّقَّ طَارِئٌ. فَإِنْ حَلَفَتْ كَانَ وَلَدُهَا حُرًّا، وَإِنْ نَكَلَتْ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْوَارِثِ إِذَا قِيلَ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ نُكُولَ الْوَارِثِ لَا يُوجِبُ وَقَفَ الْيَمِينِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تُرَدُّ عَلَى الْوَارِثِ، وَتُوقَفُ الْيَمِينُ عَلَى بُلُوغِ الصَّبِيِّ. فَإِنْ حَلَفَ بَعْدَ بُلُوغِهِ كَانَ حُرًّا وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ عَلَى الْوَارِثِ. وَهَذَا إِذَا قِيلَ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ نُكُولَ الْوَارِثِ لَا يُوجِبُ وَقْفَ الْيَمِينِ. فَإِنْ كَانَتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ كُلِّهَا سُمِعَتْ مِنْ مُدَّعِي الْحُرِّيَّةِ، وَمُدَّعِي الرِّقِّ.

وَالْبَيِّنَةُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فِي حَقَّيْهِمَا، لِأَنَّهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الْوِلَادَةِ، وَإِنْ أَفْضَتْ إِلَى حُرِّيَّةٍ، أَوْ رِقٍّ.

مَسْأَلَةٌ

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ قَالَ الْمُدَبَّر أَفَدْتُ هَذَا الْمَالَ بَعْدَ الْعِتْقِ وَقَالَ الْوَارِثُ قَبْلَ الْعِتْقِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُدَبَّر وَالْوَارِثُ مُدَّعٍ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>