للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَوَازِ الْجَمْعِ فِي المطر فَلَمْ يَسُغِ اسْتِعْمَالُ هَذَا التَّأْوِيلِ فِي رِوَايَتِنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِ الرَّاوِي وَلَا مَطَرٍ. أَبِي لَا يُصِيبُهُ الْمَطَرُ لِكَوْنِهِ مُسْتَظِلًّا تَحْتَ سَقْفٍ.

فَإِذَا وَضَحَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ جَوَازِ الْجَمْعِ فِي الْمَطَرِ: فَيَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي الْمَطَرِ بَيْنَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لِإِدْرَاكِ الْمَشَقَّةِ فِي مَطَرِ اللَّيْلِ وَعَدَمِهَا فِي مَطَرِ النَّهَارِ، وَهَذَا غَلَطٌ يُوَضِّحُهُ رِوَايَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الْحَضَرِ وَفِي الْمَطَرِ وَلِأَنَّهُمَا صَلَاتَانِ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي السَّفَرِ فَجَازَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْحَضَرِ كَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ جَازَ لَهُ تَقْدِيمُ الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا إِلَى وَقْتِ الْأُولَى بِأَرْبَعِ شَرَائِطَ: مِنْهَا الثَّلَاثَةُ الْمَاضِيَةُ فِي جَمْعِ السَّفَرِ وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ: اسْتِدَامَةُ الْمَطَرِ وَقْتَ إِحْرَامِهِ بِالْأُولَى إِلَى دُخُولِهِ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنِ انْقَطَعَ الْمَطَرُ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا، فَلَوْ أَحْرَمَ بِالْأُولَى وَلَا مَطَرَ ثُمَّ جَاءَ الْمَطَرُ فِي تَضَاعِيفِهَا قُبَيْلَ خُرُوجِهِ مِنْهَا وَاسْتَدَامَ ذَلِكَ إِلَى وَقْتِ الْخُرُوجِ مِنْهَا وَأَمْكَنَهُ الدُّخُولُ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ بَقَاءِ الْمَطَرِ فَفِي جَوَازِ الْجَمْعِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى جَوَازِ نِيَّةِ الْجَمْعِ فِي حَالِ الصَّلَاةِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ لِوُجُودِ الْعُذْرِ حَالَ الْجَمْعِ

وَالثَّانِي: وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِيهَا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ غَيْرِ الْجَمْعِ، وَلَكِنْ لَوِ افْتَتَحَ الْأُولَى وَالْمَطَرُ قَائِمٌ ثُمَّ انْقَطَعَ فِي خِلَالِهَا ثُمَّ اتَّصَلَ إِلَى أَنْ دَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ صَحَّ لَهُ الْجَمْعُ لِوُجُودِ الْعُذْرِ فِي الطَّرَفَيْنِ فَهَذَا إِذَا أَرَادَ تَقْدِيمَ الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا إِلَى وَقْتِ الْأُولَى

فَأَمَّا إِذَا أَرَادَ تَأْخِيرَ الْأُولَى مِنْهُمَا إِلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَفِي جَوَازِ ذَلِكَ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ يَجُوزُ لِأَنَّ كُلَّ مَعْنَى جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ الْأُولَى مِنْهُمَا جُوِّزَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ كَالسَّفَرِ

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ " الْأُمِّ ": لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْجَمْعَ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِالنِّيَّةِ مَعَ وُجُودِ الْعُذْرِ فِي حَالِ الْجَمْعِ وَهُوَ عِنْدَ شُرُوعِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ يَتَيَقَّنُ بَقَاءَ الْمَطَرِ إِلَى وَقْتِ الْجَمْعِ لِأَنَّ انْقِطَاعَهُ لَيْسَ إِلَى اخْتِيَارِهِ فَجَازَ تَأْخِيرُ الْأُولَى إِلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ فِي السَّفَرِ وَلَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُهَا فِي الْمَطَرِ

(فَصْلٌ)

: قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِأَجْلِ الْمَطَرِ فِي الْمَسْجِدِ فَأَمَّا إِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>