للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِيرَاثِ دُونَ أَبِي أُمِّ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ وَارِثٍ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ أَبَدًا.

(الْقَوْلُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْإِنْفَاقُ عَلَى الْأَوْلَادِ)

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " فَيُنْفِقُ الرَّجُلُ عَلَى وَلَدِهِ حَتَّى يَبْلُغُوا الْحُلُمَ أَوِ الْمَحِيضَ ثُمَّ لَا نَفَقَةَ لَهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا زَمْنَى فَيُنْفِقَ عَلَيْهِمْ إِذَا كَانُوا لَا يُغْنُونَ أَنْفُسَهُمْ وَكَذَلِكَ وَلَدُ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلُوا مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَبٌ دُونَهُ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمْ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. إِذَا وَجَبَتْ نَفَقَةُ الْوَلَدِ لِصِغَرِهِ سَقَطَتْ بِبُلُوغِهِ مَا لَمْ تَخْلُفِ الصِّغَرَ زَمَانَةٌ أَوْ جُنُونٌ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ غُلَامًا أَوْ جَارِيَةً، فَإِذَا احْتَلَمَ الْغُلَامُ أَوْ حَاضَتِ الْجَارِيَةُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا.

وَقَالَ مَالِكٌ: تَجِبُ نَفَقَتُهَا حَتَّى تُزَوَّجَ فَإِنْ طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ عَادَتْ نَفَقَتُهَا عَلَى الْأَبِ، وَإِنْ طُلِّقَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ لَمْ تَعُدْ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ.

وَدَلِيلُنَا: هُوَ أَنَّ مَا سَقَطَتْ بِهِ نَفَقَةُ الْغُلَامِ سَقَطَتْ بِهِ نَفَقَةُ الْجَارِيَةِ كَالْيَسَارِ، وَلِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْكَسْبِ تَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ النَّفَقَةِ كَالْغُلَامِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْأُنُوثِيَّةِ مَزِيَّةٌ فِي اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ لَوَجَبَتْ لِلْمُطَلَّقَةِ وَفِي سُقُوطِهَا لِلْمُطَلَّقَةِ إِسْقَاطٌ لِحُكْمِ الْأُنُوثِيَّةِ.

(الْقَوْلُ في سقوط نفقة الولد)

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ أَمْوَالٌ فَنَفَقَتُهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، لِأَنَّ نَفَقَةَ الْأَوْلَادِ مُوَاسَاةٌ فَوَجَبَتْ مَعَ الْعُدْمِ وَسَقَطَتْ مَعَ الْغِنَى، وَإِذَا سَقَطَتْ نَفَقَةُ الْأَوْلَادِ بِالْغِنَى، فَسَوَاءٌ كَانَ الولد ذكر أَوْ أُنْثَى، وَلَا يَخْلُو حَالُ مَالِهِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَدْ مَلَكَهُ بِوَاجِبٍ كَالْمِيرَاثِ أَوْ بِتَطَوُّعٍ كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ نَاضًّا أَوْ عَقَارًا نَامِيًا كَانَ أَوْ غَيْرَ نَامٍ فَلَوْ كَانَ أَبُوهُ قَدْ وَهَبَ لَهُ مَالًا فَمَا لَمْ يَقْبِضْهُ الِابْنُ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْأَبِ، فَإِذَا أَقْبَضَهُ إِيَّاهُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ على الْأَبِ، وَوَجَبَتْ عَلَى الْوَلَدِ فِي الْمَالِ الَّذِي مَلَكَهُ عَنْ أَبِيهِ بِالْهِبَةِ، فَإِنْ أَرَادَ الْأَبُ الرُّجُوعَ فِي هِبَتِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَعَلَيْهِ أَنْ ينفق بعد رجوعه عليه، إن كَانَ مَالُهُ غَائِبًا فَعَلَى الْأَبِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ فَرْضًا مَوْقُوفًا، فَإِنْ قَدِمَ مَالُهُ سَالِمًا رَجَعَ الْأَبُ بِمَا أَنْفَقَ سَوَاءٌ أَنَفَقَ بِحُكْمٍ أَوْ بِغَيْرِ حُكْمٍ إِذَا قَصَدَ بِالنَّفَقَةِ الرُّجُوعَ، لِأَنَّ أَمْرَ الْأَبِ فِي حَقِّ وَلَدِهِ أَنْفَذُ مِنْ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَإِنْ هَلَكَ مَالُ الْوَلَدِ قَبْلَ قُدُومِهِ بَانَ اسْتِحْقَاقُ نَفَقَتِهِ عَلَى الْأَبِ مِنَ الْوَقْتِ الَّذِي تَلِفَ مَالُهُ فِيهِ، لِأَنَّهُ بِتَلَفِ مَالِهِ صَارَ فَقِيرًا مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ، فَإِنْ تَلِفَ مَالُهُ مِنْ أَوَّلِ إِنْفَاقِهِ سَقَطَ جميعه، وبرئت ذمة الولد

<<  <  ج: ص:  >  >>