للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهِيدًا وَاسْتَغْفَرَ لَهُ ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ جَعْفَرٌ فَشَدَّ عَلَى الْقَوْمِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا وَاسْتَغْفَرَ لَهُ ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَأَثْبَتَ قَدَمَيْهِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا، وَاسْتَغْفَرَ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْأُمَرَاءِ، وَهُوَ أَمَّرَ نَفْسَهُ " وَلَكِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ فَبَاءَ بِنَصْرٍ، فَسُمِّيَ يَوْمَئِذٍ سَيْفَ اللَّهِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْغَدِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، وَهُوَ يَبْتَسِمُ فَقَالَ لَهُ الناس: قد علم الله ما كان مِنَ الْوَجْدِ فَلِمَاذَا تَبْتَسِمُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَحْزَنَنِي قَتْلُ أَصْحَابِي حَتَّى رَأَيْتُهُمْ فِي الْجَنَّةِ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ، وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِهِمْ إعراضا كأنه كره السيف، ورأيت جعفر مَلَكَا ذَا جَنَاحَيْنِ مُضَرَّجًا بِالدِّمَاءِ مَصْبُوغَ الْقَوَادِمِ. فَسُمِّيَ يَوْمَئِذٍ الطَّيَّارَ، وَلَمَّا قَدِمَ النَّاسُ خَرَجَ الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهِمْ وَاسْتَقْبَلُوهُمْ بِالْجُرْفِ، وَجَعَلَ قَوْمٌ يَحْثُونَ التُّرَابَ عَلَيْهِمْ، وَيَقُولُونَ: يَا فُرَّارُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسُوا بِالْفُرَّارِ وَلَكِنَّهُمُ الْكُرَّارُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ "

[(فصل: [سرية ذات السلاسل] )]

ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعْدَ جَيْشِ مُؤْتَةَ، وَقَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ أَرْبَعَ سَرَايَا أَوَّلَهُنَّ سَرِيَّةُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ إِلَى ذَاتِ السَّلَاسِلِ وَرَاءَ وَادِي الْقُرَى عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ.

وَسَبَبُهَا: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ جَمْعًا مِنْ قُضَاعَةَ قَدْ تَجَمَّعُوا يُرِيدُونَ أَطْرَافَ الْمَدِينَةِ، فَأَنْفَذَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ إِلَيْهِمْ فِي ثَلَاثِمِائَةِ رَجُلٍ مِنْ سَرَاةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَمَعَهُمْ ثَلَاثُونَ فَرَسًا، فَسَارَ إِلَيْهِمْ وَبَلَغَهُ كَثْرَةُ جَمْعِهِمْ، فَبَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَسْتَمِدُّهُ فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فِي مِائَتَيْنِ مِنْ سَرَاةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَلْحَقَ بِعَمْرٍو وَلَا يَخْتَلِفَانِ، فَأَرَادَ أَبُو عُبَيْدَةَ حِينَ اجْتَمَعَا أَنْ يَؤُمَّ بِالنَّاسِ، فَقَالَ عَمْرٌو: إِنَّمَا وَرَدْتَ مَدَدًا وَأَنَا الْأَمِيرُ، فَأَطَاعَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَصَلَّى عمرو بالناس، ووطىء بِلَادَهُمْ، وَقَلَّلَ جَمْعَهُمْ حَتَّى انْهَزَمُوا مُتَفَرِّقِينَ.

( [سَرِيَّةُ الْخَبَطِ] )

ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَرِيَّةَ الْخَبَطِ فِي رَجَبٍ أَمِيرُهَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>