للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ بِالرِّدَّةِ فِي حَالٍ لَوْ مَاتَ فِيهَا لَمْ تَرِثْهُ، وَإِنْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً فَطَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ تَرِثْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ وَقْتَ طَلَاقِهِ وَقَبْلَ إِسْلَامِهَا لَمْ تَرِثْهُ، فَانْتَفَتِ التُّهْمَةُ عَنْهُ، ولو أسلمت ثم طلقها وورثت، ولو قال لها في مرضه مَوْتِهِ: إِنْ أَسْلَمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَسْلَمَتْ وَرِثَتْ لِتُهْمَتِهِ، وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَمَةً فَطَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أُعْتِقَتْ لَمْ تَرِثْ، وَلَوْ أُعْتِقَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَرِثَتْ.

فَلَوْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَذَلِكَ بِأَنْ يُعَلِّقَ الزَّوْجُ طَلَاقَهَا بِقُدُومِ زَيْدٍ، وَيُعَلِّقَ السَّيِّدُ عِتْقَهَا بِقُدُومِ زَيْدٍ، فَيَكُونُ قُدُومُ زَيْدٍ مُوقِعًا لِطَلَاقِهَا وَعِتْقِهَا، فَيَغْلِبُ فِيهَا حُكْمُ الْأَسْبَقِ مِنْهُمَا، فَإِنْ سَبَقَ الزَّوْجُ السَّيِّدَ فَقَالَ: إِنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ تَلَاهُ السَّيِّدُ فَقَالَ: إِنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا؛ لِارْتِفَاعِ التُّهْمَةِ عَنِ الزَّوْجِ، وَإِنْ سَبَقَ السَّيِّدُ فَقَالَ: إِنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتِ حُرَّةٌ ثُمَّ تَلَاهُ الزَّوْجُ فَقَالَ: إِنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَلَهَا الْمِيرَاثُ لِتُهْمَةِ الزَّوْجِ، فَلَوْ قَالَ لَهَا السيد: إن طلقتك الزَّوْجُ غَدًا فَأَنْتِ الْيَوْمَ حُرَّةٌ، فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ مِنَ الْغَدِ ثَلَاثًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لَمْ تَرِثْ قَوْلًا وَاحِدًا، سَوَاءٌ عَلِمَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَقَعُ إِلَّا بِالطَّلَاقِ، وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ فِي مَرَضِهِ: إِنْ أَعْتَقَكِ السَّيِّدُ غَدًا فَأَنْتِ الْيَوْمَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَأَعْتَقَهَا السَّيِّدُ فِي غَدٍ، فَفِيهِ لِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَهَا الْمِيرَاثُ؛ لِتُهْمَةِ الزَّوْجِ فَتَكُونُ كَالْحُرَّةِ الْمَبْتُوتَةِ فِي الْمَرَضِ.

وَالثَّانِي: لَا مِيرَاثَ لَهَا لتقدم الطلاق على العتق، فلوا اخْتَلَفَتْ مَعَ وَرَثَةِ الزَّوْجِ، فَقَالَتْ: طَلَّقَنِي بَعْدَ عِتْقِي فَلِيَ الْمِيرَاثُ. وَقَالَ الْوَرَثَةُ: طَلَّقَكِ قَبْلَ عِتْقِكِ فَلَا مِيرَاثَ لَكِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ مع أيمانهم ولا ميراث لها؛ لأني الْأَصْلَ فِيهَا عَدَمُ الْإِرْثِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ سَبْقُهُ. وَلَوِ اخْتَلَفَتِ الْحُرَّةُ وَوَرَثَةُ الزَّوْجِ فَقَالَتْ طَلَّقَنِي فِي مَرَضِهِ فَلِيَ الْمِيرَاثُ، وَقَالَ الْوَرَثَةُ: طَلَّقَكِ فِي الصِّحَّةِ فَلَا مِيرَاثَ لَكِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ مَعَ يَمِينِهَا وَلَهَا الْمِيرَاثُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا اسْتِحْقَاقُ الْمِيرَاثِ، وَلِأَنَّنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ حُدُوثِ الطَّلَاقِ، وَفِي شَكٍّ مِنْ تَقَدُّمِهِ.

(فَصْلٌ:)

وإذا طلقها في مرضها طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَإِنْ مَاتَ فِي عِدَّتِهَا وَرِثَتْهُ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ طَلَاقًا فِي الصِّحَّةِ وَرِثَتْ بِهِ، فَلَأَنْ تَرِثَ بِهِ فِي الْمَرَضِ أَوْلَى، وَلَوْ مَاتَتْ عَنْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عَدَّتِهَا لَمْ تَرِثْهُ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ لَا يَمْنَعُهَا الْمِيرَاثَ فَلَمْ يُتَّهَمْ فِيهِ وَإِنَّمَا مَنَعَهَا الْمِيرَاثَ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ وَلَيْسَتْ مِنْ فِعْلِهِ.

(فَصْلٌ:)

وَلَوْ فَسَخَ نِكَاحَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَحَدِ الْعُيُوبِ، فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ فِي حُكْمِ الطَّلَاقِ فِي مَرَضِهِ فَتَرِثُهُ؛ لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ فِي الْمَرَضِ هُوَ مَتْهُومٌ بِهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَرِثُهُ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَمْرَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>