للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: أَنَّهَا عَفْوٌ لَا تَمْنَعُ مِنْ لُبْسِهَا لِخَفَائِهَا.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا إِنْ رُكِّبَتْ بَعْدَ النَّسْجِ كَانَتْ زِينَةً مَحْضَةً تَمْنَعُ مِنْ لُبْسِهَا، وَإِنْ كَانَتْ نَسِيجَةً مَعَهَا لَمْ تَمْنَعْ مِنْ لُبْسِهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَزِيدَةٍ فِي الثَّوْبِ.

(فَصْلٌ)

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مِنَ الثِّيَابِ مَا غَيَّرَ بَيَاضَهَا بِالْأَصْبَاغِ الْمُلَوَّنَةِ حَتَّى تَصِيرَ زِينَةً فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُمْزَجَ لَوْنُهُ بِالنُّقُوشِ كَالْوَشْيِ وَالسَّقْلَاطُونِ أَوْ بِالتَّخْطِيطِ كَالْعَتَّابِيِّ فَهُوَ إِدْخَالُ زِينَةٍ مَحْضَةٍ عَلَى الثَّوْبِ وَتَسْتَوِي جَمِيعُ الْأَلْوَانِ فِي حَظْرِهِ عَلَى الْحَادِّ مِنْ سَوَادٍ وَغَيْرِ سَوَادٍ سَوَاءٌ كَانَ نَقْشُهُ نَسْجًا أَوْ تَرْكِيبًا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أن يصبغ جميعه لوناً واحداً فألوان الأصابغ تَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: مَا كَانَ زِينَةً مَحْضَةً وَهُوَ الْأَحْمَرُ صَافِيهِ وَمُشَبَّعُهُ، وَالْأَصْفَرُ صَافِيهِ وَمُشَبَّعُهُ فَلُبْسُهُ مَحْظُورٌ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ فِي الْإِحْدَادِ، لِأَنَّهُ زِينَةٌ، وَلَيْسَ بِمَحْظُورٍ عَلَى الْمُحْرِمَةِ لِأَنَّهُ لَا يُزِيلُ الشَّعَثَ.

رَوَتْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: لَا تَلْبَسِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا الْمُعَصْفَرَ وَلَا الْمَمْشُوقَ، وَلَا الْحُلِيَّ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: مِنَ الصَّبْغِ مَا لَمْ يَكُنْ زِينَةً وَكَانَ شِعَارًا فِي الْإِحْدَادِ وَلِإِخْفَاءِ الْوَسَخِ، وَهُوَ السَّوَادُ صَافِيهِ وَمُشَبَّعُهُ فَلَا يُمْنَعُ الْحَادُّ لُبْسَهُ؛ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَزِدْهَا قُبْحًا لَمْ يُكْسِبْهَا جَمَالًا وَهُوَ لُبْسُ الْإِحْدَادِ وَشِعَارُهُ حَتَّى اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي وُجُوبِ لُبْسِهِ فِي الْإِحْدَادِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَجِبُ لِاخْتِصَاصِهِ بِشِعَارِ الْحُزْنِ وَالْمَصَائِبِ.

وَالثَّانِي: يُسْتَحَبُّ وَلَا يَجِبُ لِاخْتِصَاصِ الْوُجُوبِ بِمَا يَجْتَنِبُهُ دُونَ مَا يَسْتَعْمِلُهُ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ مِنِ اخْتِلَافِ التَّأْوِيلِ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لاسماء بن عُمَيْسٍ حِينَ أَتَاهَا نَعْيُ زَوْجِهَا جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ تَسَلَّبِي فَأَحَدُ تَأْوِيلَيْهِ: أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ لُبْسَ السَّوَادِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ لُبْسُهُ وَاجِبًا فِي الْإِحْدَادِ لِأَمْرِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ نَزْعَ الْحُلِيِّ، فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ لُبْسُهُ وَاجِبًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَجَّهْ إِلَيْهِ أَمْرٌ، وَيَكُونُ نَزْعُ الْحُلِيِّ وَاجِبًا لِمَا تَوَجَّهَ إِلَيْهِ مِنَ النَّهْيِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مِنَ الْأَلْوَانِ مَا يَخْتَلِفُ حَالُ مُشَبَّعِهِ وَصَافِيهِ، وَهُوَ الْخُضْرَةُ وَالزُّرْقَةُ فَإِنْ كَانَا صَافِيَيْنِ مُشْرِقَيْنِ فَهُمَا زِينَةٌ كَالْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ فَتُمْنَعُ الْحَادُّ مِنْ لُبْسِهَا لِاخْتِصَاصِهَا بِالزِّينَةِ، وإن كانا مشبعين بَيْنَ كَمُشَبَّعِ الْحُلِيِّ وَالْأَخْضَرِ فَهُمَا كَالسَّوَادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>