للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ وَمَنْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ أَكْثَرُ من أربع من هذا ومن كتاب التعريض بالخطبة

قال الشافعي: " أخبرنا الثقة أحسبه إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ عَنْ معمرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أبيه قال أسلم غيلان بن سلمة وَعِنْدَهُ عَشْرُ نسوةٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أمسك أربعاً وفارق سائرهن " وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال لرجل يقال له الديلمي أو ابن الديلمي أسلم وَعِنْدَهُ أُخْتَانِ " اخْتَرْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ وَفَارِقِ الْأُخْرَى " وقال لنوفل بن معاوية وعنده خمس " فارق واحدةً وأمسك أربعاً " قال فعمدت إلى أقدامهن ففارقتها (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وبهذا أقول ولا أبالي أكن في عقدةٍ واحدةً أو في عقدٍ متفرقةٍ إذا كان من يمسك منهن يجوز أن يبتدئ نكاحها في الإسلام ما لم تنقض العدة قبل اجتماع إسلامهما لأن أبا سفيان وحكيم بن حزامٍ أسلما قبل ثم أسلمت امرأتاهما فاستقرت كل واحدةٍ منهما عند زوجها بالنكاح الأول وأسلمت امرأة صفوان وامرأة عكرمة ثم أسلما فاستقرتا بالنكاح الأول وذلك قبل انقضاء العدة ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: الْأَصْلُ تَحْرِيمُ التناكح بين المسلمين والمشركين قول اللَّهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَنْكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمةٌ مٌؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوَ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تَنْكِحُوا المُشْركينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٍ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} (البقرة: ٢٢١) وَقَالَ تَعَالَى: {وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الكَوَافِرِ) {الممتحنة: ١٠) وَقَالَ تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) (الممتحنة: ١٠) وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ " وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْمُسْلِمَةُ لَا تَحِلُّ لِكَافِرٍ بِحَالٍ سَوَاءٌ كَانَ الْكَافِرُ كِتَابِيًّا أَوْ وَثَنِيًّا فَأَمَّا الْمُسْلِمُ فَيَحِلُّ لَهُ مِنَ الْكُفَّارِ الْكِتَابِيَّاتُ من اليهود والنصارى عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا عَدَاهُنَّ مِنَ الْمُشْرِكَاتِ.

فَأَمَّا إِذَا تَنَاكَحَ الْمُشْرِكُونَ فِي الشرك فلا اعتراض عليهم فِيهَا، فَإِنْ أَسْلَمُوا عَلَيْهَا فَمَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ جَوَازُ مَنَاكِحِهِمْ وَإِقْرَارُهُمْ عَلَيْهَا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَقَرَّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى نِكَاحِ زَوْجَتِهِ، وَرَوَى دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ: رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِنْتَهُ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>