[(مسألة)]
: قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَا يَؤُمُّ الْأَرَتُّ، وَلَا الْأَلْتَغُ "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْأَرَتُّ فَهُوَ: الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَلِمَةِ إِلَّا بِإِسْقَاطِ بَعْضِهَا، وَأَمَّا الْأَلْتَغُ فَهُوَ: الَّذِي يَعْدِلُ بِحَرْفٍ إِلَى حَرْفٍ فَيَجْعَلُ الرَّاءَ غَيْنًا وَاللَّامَ يَاءً وَالسِّينَ شِينًا، فَإِمَامَةُ هَذَيْنِ غير جائرة إِلَّا لِمَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهِمَا؛ وَإِنَّمَا لم تجز إمامتها، لِأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ بِجَمِيعِ حُرُوفِهَا، فَإِذَا عَدَلَ بِحَرْفٍ مِنْهَا أَوْ تَرَكَهُ كَانَ كَمَنْ تَرَكَ جَمِيعَهَا، فَإِنِ ائْتَمَّ بِهِمَا قَارِئٌ سَلِيمُ اللِّسَانِ كَانَ كَالْقَارِئِ الْمُصَلِّي خَلْفَ أُمِّيٍّ، فَيَكُونُ فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ، فَلَوِ اخْتَلَفَتْ لُغَةُ رَجُلَيْنِ فَقَلَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَرْفًا أَتَى بِهِ الْآخَرُ سَلِيمًا لَمْ يَجُزْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَأْتَمَّ بِصَاحِبِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَعْجِزُ عَنْ صَاحِبِهِ فِي الْحَرْفِ الَّذِي أَتَى بِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ نَقْصًا فِيهِ، وَيَجُوزُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي، لِاسْتِوَائِهِمَا فِي النَّقْصِ، فَأَمَّا الْحُبْسَةُ فِي اللِّسَانِ فَهُوَ تَعَذُّرُ الْكَلَامِ عِنْدَ إِرَادَتِهِ
وَأَمَّا اللَّفَفُ فَهُوَ: إِدْخَالُ حَرْفٍ فِي حَرْفٍ
وَالْعَمْعَمَةُ: أَنْ يُسْمِعَ الصَّوْتَ وَلَا يُبَيِّنَ لَكَ تَقْطِيعَ الْحُرُوفِ؛ وَالْكَلَامُ فِي إِمَامَتِهِ هُوَ كَالْكَلَامِ فِي الْأَرَتِّ، وَالْأَلْتَغِ سَوَاءٌ، فَأَمَّا الْأَخْرَسُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُحَرِّكَ لِسَانَهُ بِالْقِرَاءَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ نَاطِقًا وَيَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ مِثْلَهُ أَخَرَسَ
(القول في إمامة الرجل المرأة)
: قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَا يَأْتَمُّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ وَلَا بِخُنْثَى، فَإِنْ فَعَلَ أَعَادَ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْتَمَّ بِالْمَرْأَةِ بِحَالٍ، فَإِنْ فِعَلَ أَعَادَ صَلَاتَهُ، وَهَذَا قَوْلُ كَافَّةِ الْفُقَهَاءِ إِلَّا أَبَا ثَوْرٍ فَإِنَّهُ شَذَّ عَنِ الْجَمَاعَةِ فَجَوَّزَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْتَمَّ بِالْمَرْأَةِ تَعَلُّقًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يؤم القوم أقرأهم ". قَالَ: وَلِأَنَّ مَنْ يَصِحُّ أَنْ يَأْتَمَّ بِالرِّجَالِ صح أن يكون إما ما لِلرِّجَالِ كَالرِّجَالِ. قَالَ: وَلِأَنَّ نَقْصَ الرِّقِّ أَشَدُّ مِنْ نَقْصِ الْأُنُوثِيَّةِ، بِدَلَالَةِ أَنَّ الْعَبْدَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُقْتَلَ الْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ بِالْعَبْدِ، فَلَمَّا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ إِمَامًا لِلْأَحْرَارِ كَانَتِ الْمَرْأَةُ بِإِمَامَتِهِمْ أَوْلَى وَهَذَا خَطَأٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: ٢٣] قال الشافعي فقصرت مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُنَّ وِلَايَةٌ وَقِيَامٌ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أخِّروهن مِنْ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ "، فَإِذَا وَجَبَ تَأْخِيرُهُنَّ حَرُمَ تَقْدِيمُهُنَّ؛ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا أَفْلَحَ قَوْمٌ أَسْنَدُوا أَمْرَهُمْ إِلَى امْرَأَةٍ " ولأن المرأة عورة، وفي إمامتها افتنان بِهَا؛ وَقَدْ جَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - التَّصْفِيقَ لَهَا بَدَلًا مِنَ التَّسْبِيحِ لِلرَّجُلِ فِي نوائب الصلاة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute