للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(كتاب التفليس)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " حدثنا محمد بن عاصم قال سمعت المزني قال (قال الشافعي) أَخْبَرَنَا ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ قال حدثني أبو المعتمر بن عمر بْنِ نَافِعٍ عَنْ خَلْدَةَ أَوِ ابْنِ خَلْدَةَ الزرقي (الشك من المزني) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا أَفْلَسَ فَقَالَ هَذَا الَذِي قَضَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ إِذَا وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) وَفِي ذَلِكَ بَيَانٌ أَنَّهُ جَعَلَ نَقْضَ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ إِنْ شَاءَ إِذَا مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ كِتَابُ التَّفْلِيسِ، وَيُقَالُ كِتَابُ الْفَلَسِ قَالَ بَعْضَ أَصْحَابِنَا وَأَكْرَهُ أَنْ يُقَالَ كِتَابُ الْإِفْلَاسِ، لِأَنَّ الْإِفْلَاسَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْإِعْسَارِ بَعْدَ الْيَسَارِ وَالتَّفْلِيسُ يُسْتَعْمَلُ فِي حَجْرِ الْحَاكِمِ عَلَى الْمَدْيُونِ فَكَانَ أَلْيَقَ بِالْحَالِ، وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِ الْحَجْرِ بِالْفَلَسِ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ وَقَالَ لِغُرَمَائِهِ: خُذُوا مَا مَعَهُ فَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا مَا وَجَدْتُمْ وَرَوَى عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: أُصِيبَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَكَثُرَ دَيْنَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِغُرَمَائِهِ: " خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ لَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ " وَرَوَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ جُهَيْنَةَ يُقَالُ لَهُ أُسَيْفِعُ أَفْلَسَ فَقَامَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْأُسَيْفِعَ أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ وَكَانَ يُغَالِي بِالرَّوَاحِلِ رَضِيَ مِنَ أَمَانَتِهِ وَدِينِهِ بِأَنْ يُقَالَ سَبَقَ الْحَاجَّ فَأَدَانَ مَعْرِضًا فَأَصْبَحَ قَدْ دِينَ بِهِ فَمَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا فَإِنَّا آخِذُوا مَالَهُ وَقَاسِمُوهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ وَإِيَّاكُمْ وَالدَّيْنُ فَإِنَّ أُوَلَهُ هَمٌّ وَآخِرَهُ حَرْبٌ وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ الْحَجْرُ بِالْمَرَضِ لِأَجْلِ الْوَرَثَةِ لِأَنَّ الْمَالَ صَائِرٌ إِلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكُوهُ فِي الْحَالِ فَأَوْلَى أَنْ يَجُوزَ الْحَجْرُ بِدُيُونِ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّ الْمَالَ لهم وقد استحقوه في الحال.

<<  <  ج: ص:  >  >>