أَحَدُهُمَا: لَا يُجْزِئُ عَنْهُ وَيَكُونُ وَاقِعًا عَنِ الْمُعْتِقِ دُونَ الْمَيِّتِ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُجْزِئُ عَنِ الْمَيِّتِ وَيَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ وَيَنْتَقِلُ عَنْهُ إِلَى أَقْرَبِ عَصَبَتِهِ لِأَنَّهُ عِتْقٌ وَاجِبٌ، وَإِنْ وَقَعَ فِيهِ تَخْيِيرٌ لِسُقُوطِ الْوَاجِبِ بِهِ فَأَشْبَهَ ما لا تخيير فيه.
[(مسألة:)]
قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ عَنْ ظِهَارَيْنِ أَوْ ظِهَارٍ وَقَتْلٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنِ الْكَفَّارَتَيْنِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ عَبْدًا تَامًّا نصفاً عن واحدة ونصفاً عن عَنْ وَاحِدَةٍ ثُمَّ أُخْرَى نِصْفًا عَنْ وَاحِدَةٍ وَنِصْفًا عَنْ وَاحِدَةٍ فَكَمَلَ فِيهَا الْعِتْقُ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ إِمَّا مِنْ جِنْسَيْنِ مِثْلَ كَفَّارَةِ قَتْلٍ وَكَفَّارَةِ ظِهَارٍ أَوْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِثْلَ كَفَّارَتَيْ قَتْلٍ أَوْ كَفَّارَتَيْ ظِهَارٍ فَأَعْتَقَ عَنْهُمَا عَبْدَيْنِ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُعْتِقَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ بِعَيْنِهِ عَنْ إِحْدَى الْكَفَّارَتَيْنِ بِعَيْنِهَا وَيُعْتِقَ الْعَبْدَ الْآخَرَ عَنِ الْكَفَّارَةِ الْأُخْرَى فَهَذَا جَائِزٌ وَيَكُونُ الْعِتْقُ فِيهِمَا عَلَى مَا عَيَّنَ وَنَوَى، فَلَوْ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَنْقُلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَبْدَيْنِ إِلَى الْكَفَّارَةِ الْأُخْرَى لَمْ يَجُزْ وَكَانَ الْعِتْقُ نَافِذًا عَلَى التَّعْيِينِ الْأَوَّلِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يُعْتِقَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ عَنْ إِحْدَى الْكَفَّارَتَيْنِ لَا يُعَيِّنُهَا وَيُعْتِقَ الْعَبْدَ الْآخَرَ عَنِ الْكَفَّارَةِ الْأُخْرَى لَا يُعَيِّنُهَا فَيُجْزِيهِ أَيْضًا سَوَاءً كَانَتِ الْكَفَّارَتَانِ عَنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنْ كَانَتَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ، وَإِنْ كَانَتَا مِنْ جِنْسَيْنِ لَمْ يُجْزِهِ حَتَّى يُعَيِّنَ اسْتِدْلَالًا: بِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَخْتَلِفُ فِي الْمُوجِبِ وَالْمُوجَبِ فَافْتَقَرَتْ إِلَى التَّعْيِينِ كَالصَّلَاةِ وَاخْتِلَافُهُمَا فِي الْمُوجِبِ أَنَّ إِحْدَاهُمَا عَنْ قَتْلٍ وَالْأُخْرَى عَنْ ظِهَارٍ وَاخْتِلَافُهُمَا فِي الْمُوجَبِ أَنَّ فِي إِحْدَاهُمَا إِطْعَامًا وَلَيْسَ فِي الْأُخْرَى إِطْعَامٌ.
ودليلنا: هو أنه حق يؤدي إلى وَجْهِ التَّكْفِيرِ فَلَمْ يَلْزَمْ فِيهِ التَّعْيِينُ كَمَا لَوْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْكَفَّارَتَيْنِ إِذَا اتَّفَقَتَا فِي الصُّورَةِ فَعَدَمُ التَّعْيِينِ لَا يَمْنَعُ مِنَ الْإِجْزَاءِ كَالدِّمَاءِ فِي الْحَجِّ، وَلِأَنَّ الْعِبَادَاتِ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا يَلْزَمُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ فِي الْمُخْتَلِفِ مِنْهُ وَالْمُؤْتَلِفِ كَالصَّلَوَاتِ يَلْزَمُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ فِيمَا اخْتَلَفَ مِنْهَا كَالصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ وَفِيمَا ائْتَلَفَ مِنْهَا كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ.
وَالثَّانِي: مَا لَا يَلْزَمُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ فِي الْمُخْتَلِفِ مِنْهُ وَالْمُؤْتَلِفِ كَالزَّكَوَاتِ لَا يَلْزَمُ