وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ قَدْ مَلَكَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، فَفِي فَسْخِ النِّكَاحِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَنْفَسِخُ لِوُقُوعِ مِلْكِهِ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِهِ: إِنَّ النِّكَاحَ بِحَالِهِ لَا يَنْفَسِخُ، لِأَنَّ مِلْكَهُ وَإِنْ تَمَّ فَهُوَ مِلْكٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ.
فَصْلٌ:
إِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ، ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ؟
فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا، لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ، إِنْ قِيلَ: إِنَّهُ قَدْ مَلَكَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، أَوْ هُوَ مَوْقُوفٌ، وَإِنْ قِيلَ: لَا يَمْلِكُ إِلَّا بِالْعَقْدِ وَتَقَضِّي الْخِيَارِ، فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَقَعُ، لِمَا ذَكَرْنَا، وَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا.
وَالثَّانِي: قَدْ وَقَعَ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا إِلَّا بَعْدَ زَوْجٍ.
وَإِنِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا، وَقْعَ الطَّلَاقُ، إِنْ قِيلَ: إِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إِلَّا بِالْعَقْدِ وَتَقَضِّي الْخِيَارِ، أَوْ هُوَ مَوْقُوفٌ مُرَاعًى.
وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ قَدْ مَلَكَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَجْهَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ:
وَإِذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ، وَكَانَ قَدْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْعَقْدِ فَرَاجَعَهَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ:
فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ، لَمْ يَكُنْ لِلرَّجْعَةِ تَأْثِيرٌ، لِأَنَّ النِّكَاحَ قَدِ انْفَسَخَ.
وَإِنِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا، صَحَّتِ الرَّجْعَةُ، إِنْ قِيلَ: إِنَّهُ لَا يَمْلِكُ إِلَّا بِالْعَقْدِ وَتَقَضِّي الْخِيَارِ، أَوْ هُوَ مَوْقُوفٌ مُرَاعًى.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ مَلَكَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، فَفِي صِحَّةِ الرجعة وجهان.
[مسألة:]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَا بَأْسَ بِنَقْدِ الثَّمَنِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ إِلَى الْبَائِعِ، وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَدْفَعَ الْمَبِيعَ فِيهَا إِلَى الْمُشْتَرِي.
وَكَرِهَ مَالِكٌ دَفْعَ الثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَلَمْ يَكْرَهْ دَفْعَ الْمَبِيعِ، لِأَنَّ بِالْمُشْتَرِي حَاجَةً إِلَى تَقْلِيبِ الْمَبِيعِ وَنَظَرِ عَيْنَيْهِ.
وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّ تَسْلِيمَ الثَّمَنِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ مِنْ مُوجَبِ الْعَقْدِ، وَمَا أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ. وَإِذَا صَحَّ جَوَازُ ذَلِكَ، قبض الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَطْعًا لِخِيَارِ الْبَائِعِ، وَلَا يَكُونُ قَبْضُ الْبَائِعِ قَطْعًا لِخِيَارِ الْمُشْتَرِي.
وَيُمْنَعُ الْبَائِعُ مِنَ التَّصَرُّفِ فَيَ الثَّمَنِ، وَالْمُشْتَرِي مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْخِيَارِ، لِأَنَّ الْخِيَارَ يُوقِعُ حَجْرًا فِي التَّصَرُّفِ.
فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ، اسْتَقَرَّ وَجَازَ التَّصَرُّفُ. وَإِنِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ، اسْتَرْجَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنَ الْبَائِعِ، وَاسْتَرْجَعَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ مِنَ الْمُشْتَرِي.