للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِمَا زَوْجٌ اعْتُبِرَ فِيهِ تَصْدِيقُ الْمَوْطُوءَةِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِنْ كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ زَوْجٍ، وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ، اعْتُبِرَ فِيهِ تَصْدِيقُ زَوْجِهَا، دُونَهَا، لِأَنَّهُ أَمْلَكُ بِالْفِرَاشِ فِيهَا، وَصَارَ الزوج داخلا معها فِي التَّنَازُعِ، لِأَنَّ لَهُ فِرَاشًا ثَالِثًا، وَلَا يُعْتَبَرُ تَصْدِيقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ، لِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ حَقٌّ لَهُ وَعَلَيْهِ.

فَلَوْ أَنْكَرَتْهَا الْمَوْطُوءَةُ، أَوْ زَوْجُهَا لَمْ يَثْبُتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفِرَاشُ، وَعَلَى مُنْكِرِهَا الْيَمِينُ. وَلَوِ ادَّعَتِ الْمَوْطُوءَةُ، أَوْ زَوْجُهَا عَلَيْهَا الْفِرَاشَ، وَأَنْكَرَاهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا مَعَ أَيْمَانِهِمَا، وَلَا فِرَاشَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

فَإِذَا ثَبَتَ فِرَاشُهُمَا بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّصَادُقِ فِيهِ أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ مَعَ التَّجَاحُدِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَقُومُ بِهِ الْبَيِّنَةُ فِي مِثْلِهِ، تَكَامَلَتْ شُرُوطُ الِاشْتِرَاكِ فِي لُحُوقِ النَّسَبِ وَصَارَ الْفِرَاشُ حَقًّا لَهُمَا، وَحَقًّا عَلَيْهِمَا، فَلَا يَقِفُ عَلَى مُطَالَبَتِهِمَا وَلَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُسَلِّمَ لِصَاحِبِهِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ عَلَيْهِ، وَيَسْتَوِي فِيهِ حُكْمُ الْوَلَدِ صَغِيرًا وَكَبِيرًا، وَيُسْتَعْمَلُ الْقَافَةُ فِي إِلْحَاقِهِ بِأَحَدِهِمَا، إِذَا طُولِبَ بِهَا.

وَالَّذِي يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بِهَا مَنْ كَانَ قَوْلُهُ فِي الْفِرَاشِ مُعْتَبَرًا، وَالْوَلَدُ إِذَا كَانَ بَالِغًا فَإِنْ لَمْ يَطْلُبِ الْحَاكِمُ بِهَا جَازَ لَهُ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْقِيَافَةَ إِذَا عُلِمَ بِالْحَالِ مِنْ غَيْرِ طَلَبِ نِيَابَةٍ عَنِ الصَّغِيرِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا فِي حَقِّ الْكَبِيرِ، لِأَنَّهُ أَخَصُّ بِطَلَبِ حُقُوقِهِ.

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا الْفَصْلُ الرَّابِعُ: فِي ثُبُوتِ الْحُكْمِ بِلُحُوقِ النَّسَبِ بِقَوْلِ الْقَافَةِ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ بِاسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ، وَاسْتِلْحَاقِهِ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي فِرَاشٍ.

وَالثَّانِي: إِذَا تَدَاعَيَا لَقِيطًا.

فَإِنْ كَانَ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي فِرَاشٍ، لَمْ يَصِحَّ إِلْحَاقُهُ بِالْقَافَةِ إِلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، لِأَنَّ الْفِرَاشَ قَدْ أَوْجَبَ لَهُمَا حَقًّا، وَأَوْجَبَ عَلَيْهِمَا حَقًّا فِي إِلْحَاقِهِ بِأَحَدِهِمَا، وَنَفْيِهِ عَنِ الْآخَرِ، وَأَلْحَقَ لَهُمَا عَلَى الْوَلَدِ، وَأَلْحَقَ عَلَيْهِمَا لِلْوَلَدِ وَلِذَلِكَ وَجَبَ إِلْحَاقُهُ بِأَحَدِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَتَنَازَعَا فِيهِ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُسَلِّمَهُ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ فَكَانَ أَغْلَظُ مِنَ اللِّعَانِ الَّذِي لَا يَصِحُّ إِلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ فَكَانَ هَذَا أَوْلَى أَنْ لَا يَصِحَّ إِلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ، لِأَنَّ اللَّعَّانَ يَخْتَصُّ بِالنَّفْيِ دُونَ الْإِثْبَاتِ، وَالْقِيَافَةُ تَجْمَعُ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ.

وَإِنْ كَانَ اسْتِحْقَاقُ الْوَلَدِ فِي ادِّعَاءِ لَقِيطٍ لَمْ يُعْرَفْ لَهُمَا فِيهِ فِرَاشٌ مُشْتَرَكٌ، فَهُوَ حَقٌّ لَهُمَا وَلَيْسَ بِحَقٍّ عَلَيْهِمَا فِي الظَّاهِرِ، لِأَنَّهُمَا لَوْ لَمْ يَتَنَازَعَا فِيهِ، لَمْ يَعْتَرِضْ لَهُمَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>