للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَدْعُوَ إِلَى اسْتِخْرَاجِ الصَّبْغِ، فَيُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فِي اسْتِخْرَاجِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى الثَّوْبِ أَبْيَضَ، وَمِنْهَا أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى الصَّبْغِ فِي غَيْرِهِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ اسْتِخْرَاجُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ لِاسْتِخْرَاجِهِ مَؤُنَةٌ يَذْهَبُ بِهَا شَطْرُ قِيمَتِهِ، فَإِنَّ الْغَاصِبَ مَأْخُوذٌ بِاسْتِخْرَاجِهِ وَضَمَانِ نَقْصِ إِنْ حَدَثَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي اسْتِخْرَاجِهِ غَرَضٌ نظر، فإن لم يستضر الغاصب بنقص بضمنه فِي الثَّوْبِ أُخِذَ بِاسْتِخْرَاجِهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْتَضِرُّ بِنَقْصٍ يَحْدُثُ فِيهِ فَهَلْ يُؤْخَذُ جَبْرًا بِاسْتِخْرَاجِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، كَالشَّجَرَةِ فِي الْأَرْضِ:

أَحَدُهُمَا: يُؤْخَذُ بِاسْتِخْرَاجِهِ لِاسْتِحْقَاقِ الْمَالِكِ بِاسْتِرْجَاعِ مِلْكِهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ غَصْبِهِ فَعَلَى هَذَا يَضْمَنُ مَا نَقَصَ مِنَ الْقِيمَتَيْنِ وَلَا يَضْمَنُ زِيَادَةً إِنْ كَانَتْ قَدْ حَدَثَتْ بِالصَّبْغِ، وَلَوْ طَالَبَ بِغُرْمِ النَّقْصِ مِنْ غَيْرِ اسْتِخْرَاجٍ أُجِيبُ إِلَيْهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُقَرُّ عَلَى حَالَتِهِ وَلَا يُجْبَرُ الْغَاصِبُ عَلَى اسْتِخْرَاجِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْعَبَثِ وَالْإِضْرَارِ، وَلَوْ سَأَلَ غُرْمَ نَقْصٍ لَوْ كَانَ يَحْدُثُ بِالِاسْتِخْرَاجِ لَمْ يُجَبْ إِلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي اجْتِمَاعِهِمَا نَقْصٌ مِنَ الْقِيمَتَيْنِ فَيَضْمَنُ ذَلِكَ النَّقْصَ.

فَصْلٌ: فِي صبغ الأجنبي

وَأَمَّا إِذَا كَانَ الصَّبْغُ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يُمْكِنَ اسْتِخْرَاجُهُ أَوْ لَا يُمْكِنُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنِ اسْتِخْرَاجُهُ كَانَ رَبُّ الثَّوْبِ وَرَبُّ الصَّبْغِ شَرِيكَيْنِ فِي الثَّوْبِ مَصْبُوغًا بِقِيمَةِ الثوب وقيمة الصبغ لاجتماع ماليهما فِيهِ، ثُمَّ لَا تَخْلُو قِيمَةُ الثَّوْبِ مَصْبُوغًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ الْقِيمَتَيْنِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ. فَإِنْ كَانَ بِقَدْرِ الْقِيمَتَيْنِ مِثْلَ أن تكون قيمة الثوب عشرة وقيمة الصبغ عَشَرَةً فَيُسَاوِي الثَّوْبً مَصْبُوغًا عِشْرِينَ، فَإِذَا تَسَلَّمَاهُ مَصْبُوغًا بَرِئَ الْغَاصِبُ مِنْ حَقِّهِمَا وَكَانَا فِيهِ عَلَى الشَّرِكَةِ بِالْقِيمَتَيْنِ، فَإِنْ بَذَلَ رَبُّ الثَّوْبِ لِرَبِّ الصَّبْغِ قِيمَةَ صَبْغِهِ أُجْبِرَ عَلَى أَخْذِهَا لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى عَيْنِ مَالِهِ لِكَوْنِهِ مُسْتَهْلَكًا فِي الثَّوْبِ فَلَوْ بَذَلَ رَبُّ الصَّبْغِ لِرَبِّ الثَّوْبِ قِيمَةَ ثَوْبِهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِهَا وَقِيلَ: إِنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِهَا، وَبَذْلِ قِيمَةِ الصَّبْغِ لِأَنَّ الثَّوْبَ أَصْلُ عَيْنِهِ قَائِمَةٌ، وَالصَّبْغَ تَبَعٌ قَدِ اسْتُهْلِكَ فِي الثَّوْبِ وَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الثَّوْبِ مَصْبُوغًا أَقَلَّ مِنَ الْقِيمَتَيْنِ، مِثْلَ أَنْ تَكُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَتَنْقَسِمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِالْقِسْطِ عَلَى الْقِيمَتَيْنِ وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْغَاصِبِ بِدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ هِيَ نَقْصُ مَا غَصَبَ مِنْهُ فَيَصِيرَانِ رَاجِعَيْنِ عَلَيْهِ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ تَكْمِلَةَ الْعِشْرِينَ. وَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الثَّوْبِ مَصْبُوغًا أَكْثَرَ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>