للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا هِيَ تَكْبِيرٌ، وَقِرَاءَةٌ، وَتَسْبِيحٌ فَهُوَ أَنَّهُ جَعَلَ الصَّلَاةَ مَا ذَكَرَهُ، وَالدُّعَاءُ لَيْسَ مِنَ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ فَلَيْسَ الدُّعَاءُ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ، وَإِنَّمَا هُوَ ابْتِهَالٌ وَرَغْبَةٌ فَكَانَ بِالذِّكْرِ أَشْبَهَ

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا ثَبَتَ إِبَاحَةُ الدُّعَاءِ فَلَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِأُمُورِ دِينِهِ، وَدُنْيَاهُ وَالدُّعَاءُ بِأُمُورِ دِينِهِ مُسْتَحَبٌّ، وَبِأُمُورِ دُنْيَاهُ مُبَاحٌ، وَيَخْتَارُ أَنْ يَكُونَ مِنْ دُعَائِهِ مَا جَاءَتِ الرِّوَايَةُ بِهِ مِمَّا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ اقْتِدَاءً بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَتَبَرُّكًا بِدُعَائِهِ فَأَمَّا الْقَدْرُ الَّذِي يَدْعُو بِهِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ فِي جَمَاعَةٍ، أَوْ منفرداً، فإن كان في جماعة دعا قدر أَقَلَّ مِنَ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لِأَنَّ الدُّعَاءَ تَبَعٌ لَهُمَا فَكَانَ دُونَ قَدْرِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ إِمَامًا أَوْ مَأْمُومًا، لِأَنَّ الْإِمَامَ يُؤْمَرُ بِالتَّخْفِيفِ عَلَى الْمَأْمُومِينَ، وَالْمَأْمُومُ مَنْهِيٌّ عَنْ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا فَلَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِمَا شَاءَ مَا لَمْ يَخَفْ سَهْوًا

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فَأَدْرَكَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَأْمُومٌ فَأَحْرَمَ خَلْفَهُ بِالصَّلَاةِ لَزِمَهُ إِذَا أَكْمَلَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ قَائِمًا أَنْ يَجْلِسَ مَعَهُ فِي التَّشَهُّدِ، فَإِذَا جَلَسَ لَزِمَهُ أَنْ يَتَشَهَّدَ، لِأَنَّهُ بِالدُّخُولِ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ قَدْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ، وَالتَّشَهُّدُ مِمَّا يَلْزَمُ اتِّبَاعُ الْإِمَامِ فِيهِ كَمَا يَلْزَمُنَا الْأَفْعَالُ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ هَذَا الْمَأْمُومُ إِلَى صَلَاتِهِ غَيْرَ مُكَبِّرٍ، لِأَنَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى لَيْسَ فِيهَا قَبْلَ التَّكْبِيرِ إِلَّا تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، وَقَدْ أَتَى بِهَا وَإِنَّمَا جَلَسَ اتِّبَاعًا ثُمَّ صَحَّ فِي أَثْنَاءِ قِرَاءَتِهِ فَقَامَ لِيُتِمَّ قِرَاءَتَهُ قَامَ غَيْرَ مُكَبِّرٍ، لِأَنَّهَا حَالٌ لَمْ يُشْرَعْ فِيهَا التَّكْبِيرُ؛ وَهَكَذَا لَوْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً ثُمَّ تَشَهَّدَ الْإِمَامُ وَسَلَّمَ فَأَرَادَ هَذَا الْمَأْمُومُ أَنْ يَقُومَ إِلَى الثَّالِثَةِ قَامَ غَيْرَ مُكَبِّرٍ، لِأَنَّ الْقِيَامَ مِنَ الْأُولَى إِلَى الثَّانِيَةِ إِنَّمَا سُنَّ فِيهِ تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ أَتَى بِهَا مَعَ الْإِمَامِ حِينَ رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ إِلَى التَّشَهُّدِ، وَهَكَذَا لَوْ أَدْرَكَ مَعَهُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَسَلَّمَ الْإِمَامُ فَقَامَ الْمَأْمُومُ إِلَى الرَّابِعَةِ قَامَ غَيْرَ مُكَبِّرٍ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ إِتْيَانِهِ بِالتَّكْبِيرِ لَهَا مَعَ رَفْعِهِ مِنَ السُّجُودِ إِلَى التَّشَهُّدِ، وَلَكِنْ لَوْ أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَتَيْنِ وَسَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ الْمَأْمُومُ لِإِتْمَامِ بَاقِي الصَّلَاةِ قَامَ مُكَبِّرًا، لِأَنَّهُ فِيمَا بَيْنَ رَفْعِهِ مِنْ سُجُودِ الثَّانِيَةِ إلى قيامه إلى الثالثة تكبيرتين:

إِحْدَاهُمَا: فِي رَفْعِهِ مِنَ السُّجُودِ إِلَى التَّشَهُّدِ وَقَدْ أَتَى بِهَا

وَالثَّانِيَةُ: فِي قِيَامِهِ إِلَى الثَّالِثَةِ فَكَانَ مَأْمُورًا بِالْإِتْيَانِ بِهَا، فَأَمَّا إِدْرَاكُ الْإِمَامِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَقَامَ مَعَهُ مُكَبِّرًا اتِّبَاعًا لِإِمَامِهِ فِي التَّكْبِيرِ وَإِنْ تَكُنْ هَذِهِ التكبيرة من صلاة المأموم والله أعلم

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيَفْعَلُونَ مِثْلَ فِعْلِهِ إِلَّا أَنَّهُ أَسَرَّ قَرَأَ مَنْ خَلْفَهُ وَإِذَا جَهَرَ لَمْ يَقْرَأْ مَنْ خلفه " قال المزني " رحمه الله قَدْ رَوَى أَصْحَابُنَا عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَقْرَأُ مَنْ خَلْفَهُ وَإِنْ جَهَرَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ (قال) محمد بن عاصم وإبراهيم يقولان سمعنا الربيع يقول (قال الشافعي) يقرأ خلف الإمام جهر أو لم يجهر بأم القرآن قال محمد وسمعت الربيع

<<  <  ج: ص:  >  >>