فَإِنْ نَكَلَا أُقِرَّ فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ حَتَّى يَصْطَلِحَا وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا حُكِمَ بِهِ لِلْحَالِفِ مِنْهُمَا، وَإِنْ حَلَفَا مَعًا فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا تُوقَفُ في يد صاحب اليد حتى يصطلحا، وإن ادَّعَيَا عِلْمَهُ أُحْلِفَ بِاللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ لِمَنْ هِيَ مِنْهُمَا، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَتَحَالَفَ الْمُدَّعِيَانِ، فَإِنْ نَكَلَ فَقَدْ حُكِيَ عَنْ أبي حنيفة أَنَّهُ قَالَ: أُقَسِّمُ الْوَدِيعَةَ بَيْنَ الْمُدَّعِيَيْنِ وَأُغَرِّمُهُ الْقِيمَةَ فَتَكُونُ بَيْنَهُمَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ: لَا غُرْمَ عَلَيْهِ إِنْ نَكَلَ، وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: قِيلَ لَهُمَا هَلْ تَدَّعِيَانِ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا بِعَيْنِهِ؟ فَإِنْ قَالَا: لَا، أُحْلِفَ، وَوُقِفَ ذَلِكَ لَهُمَا رَدًّا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُغَرَّمُ الْقِيمَةَ لَهُمَا، لِأَنَّهُمَا مَا ادَّعَيَا إِلَّا وَدِيعَةً عَيْنُهَا بَاقِيَةٌ وَلَمْ يَسْتَهْلِكْهَا عَلَى أَحَدِهِمَا بِالْإِقْرَارِ بِهَا لِغَيْرِهِ، وَكَيْفَ يُغَرَّمُ قِيمَةً لَا يَدَّعِيَانِهَا وَمَا ادَّعَيَاهُ كَانَ لَهُمَا.
فَإِنْ قِيلَ فَإِحْلَافُ الْمُسْتَوْدَعِ لَا يُفِيدُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ شَيْئًا، لِاسْتِوَاءِ الْحُكْمِ فِيهِ إِنْ نَكَلَ؟ قِيلَ قَدْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَذْهَبُ لِأَجْلِ هَذَا إلى أن اليمين غير واجبة، وَذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ إِلَى وُجُوبِهَا، لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلزَّجْرِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا غُرِّمَ، وَقَدْ يَجُوزُ إِذَا عُرِضَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ أَنْ يَنْزَجِرَ بِهَا فَيُبَيِّنُ عِلْمًا قَدْ كَتَمَهُ، فَعُلِمَ بِهِ، فَلِذَلِكَ وَجَبَتْ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ [بَيَانٌ تَحَالَفَ الْمُدَّعِيَانِ، فَإِنْ نَكَلَا أُقِرَّتِ الْوَدِيعَةُ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ] ، فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا قَضَى بِهَا لِلْحَالِفِ مِنْهُمَا، وَإِنْ حَلَفَا مَعًا فَعَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا بِأَثْمَانِهِمَا.
وَالثَّانِي: يَكُونُ مَوْقُوفًا بَيْنَهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ، قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَتَّى يَصْطَلِحَا عَلَيْهَا وَأَيْنَ تُوقَفُ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ عَلَى مَا كَانَتْ مِنْ قَبْلُ.
وَالثَّانِي: ينتزع مِنْ يَدِهِ وَيُقِرُّهَا الْحَاكِمُ فِي يَدِ مَنْ يَرْضَيَانِهِ، لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ قَدْ صَارَ بِالنُّكُولِ وَالْإِنْكَارِ خَصْمًا.
فَصْلٌ:
وَأَمَّا الْقِسْمُ السَّادِسُ: وَهُوَ أَنْ يُقِرَّ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ فِي يَدِهِ وَلَيْسَ يَعْلَمُ هَلْ هِيَ لَهُمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، ثُمَّ يَتَحَالَفُ الْمُتَدَاعِيَانِ فَإِنْ نَكَلَا أُقِرَّتْ فِي يَدِهِ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا دُفِعَتْ إِلَيْهِ، وَهَلْ يَأْخُذُهُ الْحَاكِمُ بِكَفِيلِ الْمَالِكِ لَهَا لَوْ حَضَرَ عَلَى وَجْهَيْنِ مِنَ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي الْوَارِثِ إِذَا دُفِعَتْ إِلَيْهِ التَّرِكَةُ وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بَعْدَ طُولِ الْكَشْفِ بِأَنْ لَا وارث سواه، وإن حلف مَعًا فَعَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا، وَفِي أَخْذِ الْكَفِيلِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وجهان.
والثاني: أنهما تُوقَفُ، وَفِي الْمَوْقُوفَةِ عَلَى يَدِهِ وَجْهَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute