للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موالي أَبِي طِيبَةَ حِينَ حَجَّمَهُ وَقَدْ ضَرَبُوا عَلَيْهِ خَرَاجًا أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ، وخَرَاجَهُ دَلَّ عَلَى جَوَازِهِ وَهُوَ مِنَ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ دُونَ اللَّازِمَةِ، وَجَوَازُهُ مُعْتَبَرٌ بِشَرْطَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَرَاضَيَا بِهِ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَا يَصِحُّ مِنَ الْإِجْبَارِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مُكْتَسِبًا لِقَدْرِ خَرَاجِهِ فَمَا زَادَ، فَإِنْ قَصَرَ كَسْبُهُ عَنْ خَرَاجِهِ لَمْ يَصِحَّ لِقَوْلِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي خُطْبَتِهِ لَا تُكَلِّفِ الصَّغِيرَ الْكَسْبَ فَيَسْرِقَ وَلَا الْأَمَةَ غَيْرَ ذَاتِ الصَّنْعَةِ فَتَكْتَسِبَ بِفَرْجِهَا، ويستوفي منه السيد خراجه. قال عَجَزَ عَنْهُ جَازَ أَنْ يُنْظِرَ بِهِ وَجَازَ لَهُ وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَفْسَخَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَقْدَ الْمُخَارَجَةِ بِسَبَبٍ أَوْ غَيْرِ سَبَبٍ فَإِنْ فَسَخَهُ أَحَدُهُمَا وَفِي يَدِ الْعَبْدِ فَاضِلٌ مِنْ كسبه كان ملكاً لسيده، وبالله التوفيق.

[(مسألة)]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ دَابَّةٌ فِي الْمِصْرِ أَوْ شَاةٌ أَوْ بَعِيرٌ عَلَفَهُ بِمَا يُقِيمُهُ فَإِنِ امْتَنَعَ أَخَذَهُ السُلْطَانُ بِعَلَفِهِ أَوْ بَيْعِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: نَفَقَاتُ الْبَهَائِمِ الْمَمْلُوكَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى أَرْبَابِهَا لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ " وَنَهَى عَنْ تَعْذِيبِ الْبَهَائِمِ وَعَنْ قَتْلِهَا إِلَّا لِمَأْكَلِهِ وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: أُطْلِعْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي. فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ امْرَأَةً تُعَذَّبَ فَسَأَلْتُ عَنْهَا فَقِيلَ إِنَّهَا رَبَطَتْ هِرَّةً فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَسْقِهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ فَعَذَّبَهَا اللَّهُ تَعَالَى. وَاطَّلَعَتُ عَلَى الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ امْرَأَةً مُوَمِسَةً يَعْنِي زَانِيَةً فَسَأَلْتُ عَنْهَا فَقِيلَ إِنَّهَا مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى بِئْرٍ يَلْهَثُ مِنَ الْعَطَشِ فَأَرْسَلَتْ إِزَارَهَا فَبَلَّتْهُ وَعَصَرَتْهُ فِي حَلْقِهِ حَتَّى رُوِيَ فَغَفَرَ اللَّهُ لَهَا، فَدَلَّ كِلَا الْأَمْرَيْنِ عَلَى حِرَاسَةِ نُفُوقِ الْبَهَائِمِ بِإِطْعَامِهَا حَتَّى تَشْبَعَ وَيسَقْيِهَا حَتَّى تُرَوَى سَوَاءٌ كَانَتْ مَأْكُولَةً أَوْ غَيْرَ مَأْكُولَةٍ، فَإِنْ قَصَّرَ فِيهَا حَتَّى هَلَكَتْ أَوْ نُهِكَتْ أَثِمَ.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " فَإِنْ كَانَ بِبَادِيَةٍ غَنَمٌ أَوْ إِبِلٌ أَوْ بقر أخذت على المرعى خلاها والرعي فإن أجدبت الأرض علفها أو ذبحها أو باعها ولا يحبسها فتموت هزلا إن لم يكن في الأرض متعلق وأجبر على ذلك إلا أن يكون فيها متعلق لأنها على ما في الأرض تتخذ وليست كالدواب التي لا ترعى والأرض مخصبة إلا رعيا ضعيفاً ولا تقوم للجدب قيام الرواعي ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: عُلُوفَةُ الْبَهَائِمِ مُعْتَبَرَةٌ بِعُرْفِهَا، وَلَهَا فِي الْعُرْفِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ مَعْلُوفَةً لَا تَرْعَى فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْلِفَهَا حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى أَوَّلِ شِبَعِهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ الِانْتِهَاءُ إِلَى غَايَتِهِ وَيَسْقِيَهَا حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى رِيِّهَا دُونَ غَايَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعَدِّلَ بِهَا إِلَى الرَّعْيِ إِذَا لَمْ تَأْلَفْهُ، فَإِنِ امْتَنَعَ مِنْ عَلْفِهَا أَوْ قَصَّرَ عَنْ كِفَايَتِهَا رُوعِيَ حالها، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>