وَالثَّانِي: لَا يُعْمَلُ عَلَى قَوْلِهِ لِتُهْمَتِهِ.
(فَصْلٌ)
إِذَا وَقَعَ التَّنَازُعُ فِي كَفَالَةِ الْمَوْلُودِ، وَلَهُ زَوْجَةٌ كَبِيرَةٌ نُظِرَ، فَإِنْ أَمْكَنَ اسْتِمْتَاعُهُ بِهَا أَوِ اسْتِمْتَاعِهَا بِهِ، فَهِيَ أَحَقُّ بِكَفَالَتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً مِنْ جَمِيعِ قِرَابَاتِهِ، لِمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنَ الْمَوَدَّةِ، فَكَانَ أَسْكَنَ إِلَيْهَا، وَكَانَتْ أَعْطَفَ عَلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنِ اسْتِمْتَاعُهُ بِهَا وَاسْتِمْتَاعُهَا بِهِ فَلَا حَقَّ لَهَا فِي كَفَالَتِهِ، وَأَقَارِبُهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ أَحَقُّ مِنْهُمَا بِهِ، فَلَوْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ مِنْ أَقَارِبِهِ، فَهَلْ يَتَرَجَّحُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الْأَقَارِبِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَتَرَجَّحُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَيَكُونُ أَحَقَّ بِكَفَالَتِهِ مِنْ جَمِيعِهِمْ لِجَمْعِهَا بَيْنَ سَبَبَيْنِ:
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا تَتَرَجَّحُ بِهِ عَلَى غَيْرِهَا، وَتَقِفُ فِي الْكَفَالَةِ عَلَى دَرَجَتِهَا مِنَ الْقَرَابَةِ الَّتِي هِيَ أَخَصُّ بِالْكَفَالَةِ، وَهَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَوْلُودُ جَارِيَةً، وَلَهَا زَوْجٌ كَبِيرٌ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا كَانَ أَحَقَّ بِكَفَالَتِهَا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنُهُ فَالْأَقَارِبُ أَحَقُّ بِكَفَالَتِهَا مِنْهُ، فَإِنْ شَارَكَهُمْ فِي الْقَرَابَةِ فَهَلْ يَتَرَجَّحُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَلِيُّهُمْ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(مَسْأَلَةٌ)
قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَالْجَدُّ أَبُو الْأَبِ يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ إِذَا لم يكن أبا أَوْ كَانَ غَائِبًا أَوْ غَيْرُ رَشِيدٍ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ الْجَدُّ يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ عِنْدَ مَوْتِهِ، أَوْ نَقْصِهِ بِرِقٍّ، أَوْ كُفْرٍ، أَوْ مَعَ غَيْبَتِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى سَلَامَتِهِ، وَكَذَلِكَ أُمُّ الْأُمِّ تَقُومُ مَقَامَ الْأُمِّ عِنْدَ مَوْتِهَا، وَنَقْصِهَا وَمَعَ غَيْبَتِهَا.
فَإِنْ قِيلَ فلما نَقَلْتُمُ الْحَضَانَةَ عَنْ مُسْتَحِقِّهَا بِالْغَيْبَةِ، وَلَمْ تَنْقُلُوا وِلَايَةَ النِّكَاحِ عَنِ الْغَائِبِ؟
قِيلَ: لِأَنَّ الْغَيْبَةَ لَا تَمْنَعُ مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِهَا حَقُّ الْوَلِيِّ، وَتَمْنَعُ مِنَ الْكَفَالَةِ فَسَقَطَ بِهَا حَقُّ الْكَفِيلِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ يَتَقَدَّمُ بِالْحَضَانَةِ، فَأَمَّا مِنْ غَيْرِ الْمَوْلُودِ بَيْنَهُمْ فِي الْكَفَالَةِ فَأَصْلُ تَخْيِيرِهِ يَكُونُ بَيْنَ أَبَوَيْهِ الْأُمِّ وَالْأَبِ، وَلَا تَخْيِيرَ بَيْنَ غَيْرِهِمَا مَعَ وُجُودِهِمَا، فَإِنْ عُدِمَتِ الْأُمُّ خُيِّرَ بَيْنَ الْأَبِ وَبَيْنَ جَمِيعِ أُمَّهَاتِ الْأُمِّ، وَكُنَّ فِي تَخْيِيرِ الْمَوْلُودِ بَيْنَ الْأَبِ وَبَيْنَهُنَّ كَالْأُمِّ، وَلَوْ عُدِمَ الْأَبُ مَعَ بَقَاءِ الْأُمِّ، خُيِّرَ الْمَوْلُودُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ جَمِيعِ آبَاءِ الْأَبِ مِنْ سَائِرِ الْأَجْدَادِ، وَكَانُوا فِي تَخْيِيرِ الْمَوْلُودِ بَيْنَ الْأُمِّ وَبَيْنَهُمْ كَالْأَبِ وَإِذَا وَقَعَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْأَبِ وَجَمِيعِ الْجَدَّاتِ وَبَيْنَ الْأُمِّ وَجَمِيعِ الْأَجْدَادِ، ثبت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute