للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَرْضِهِ فَإِنْ سَبَلَهَا لِلدَّفْنِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْبِلَهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا وَلَا يَكُونُ الْإِذْنُ بِالدَّفْنِ فِيهَا تَسْبِيلًا لَهَا فَإِذَا رَجَعَ فَلَهُ الْمَنْعُ مِنْ إِحْدَاثِ دَفْنٍ فِيهَا وَلَيْسَ لَهُ نَقْلُ مَنْ دُفِنَ وَتَحْرُمُ عَلَى مَنْ أَعَارَ أَرْضًا لِلدَّفْنِ أَنْ يَتَصَرَّفَ عَلَى ظَاهِرِ الْقَبْرِ مِنْ أَرْضِهِ لِمَا فِيهِ مِنِ انْتِهَاكِ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ، فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَدْفِنَ فِيهِ مَيِّتًا آخَرَ لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ مَكَانَ لَحْدِهِ فَيَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مُقَارَنًا.

فَصْلٌ

: وَإِذَا مَاتَ الْمُسْتَعِيرُ بَطَلَتِ الْعَارِيَةُ وَلَمْ يَكُنْ لِوَارِثِهِ الِانْتِفَاعُ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ فِي ضَمَانِ الرَّقَبَةِ وَالْأُجْرَةِ وَعَلَى الْوَارِثِ أَنْ يُبَادِرَ بِرَدِّهَا عَلَى الْمُعِيرِ سَوَاءٌ طَلَبَ أَوْ لَمْ يَطْلُبْ عَلِمَ بِمَوْتِ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ الَّتِي لَا يُلْزَمُ وَارِثُ الْمُوَدَعِ رَدَّهَا لِأَنَّ رَدَّ الْعَارِيَةِ وَاجِبٌ وَرَدَّ الْوَدِيعَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَإِنَّمَا التَّمْكِينُ مِنْهَا وَاجِبٌ وَإِنْ أَمْسَكَ وَارِثُ الْمُسْتَعِيرِ عَنْ رَدِّهَا حَتَّى هَلَكَتْ فَإِنْ كَانَ إِمْسَاكُهَا لِتَعَذُّرِ الْقُدْرَةِ عَلَى رَدِّهَا فَهِيَ مَضْمُونَةٌ فِي تَرِكَةِ الْمُسْتَعِيرِ وَلَا أُجْرَةَ وَإِنْ كَانَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى رَدِّهَا فَهِيَ مَضْمُونَةٌ عَلَى وَرَثَةِ الْمُسْتَعِيرِ وَمَعَ الْأُجْرَةِ فَلَوْ جُنَّ الْمُسْتَعِيرُ وَلَمْ يَمُتْ بَطَلَتِ الْعَارِيَةُ بِجُنُونِهِ أَيْضًا لِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَالْجُنُونِ وَعَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يُبَادِرَ بِرَدِّهَا عَلَى الْمُعِيرِ وَهَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمُعِيرُ وَجَبَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ رَدُّ الْعَارِيَةِ عَلَى وَارِثِهِ لِبُطْلَانِهَا بِمَوْتِهِ وَأَنْ يُمْسِكَ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ كَانَ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ فِي ضَمَانِ الرَّقَبَةِ وَالْأُجْرَةِ وَهَكَذَا لَوْ جُنَّ الْمُعِيرُ فَإِنْ مَرِضَ فَالْعَارِيَةُ عَلَى حَالِهَا.

فَصْلٌ

: فَإِذَا بَاع الْمُعِيرُ الْعَارِيَةَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ لَمْ يَخْلُ حَالُهَا مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ رَدُّهَا مُمْكِنًا كَالدَّارِ الَّتِي يُمْكِنُ خُرُوجُهُ مِنْهَا وَالدَّابَّةِ الَّتِي يُمْكِنُ نُزُولُهُ عَنْهَا وَالثَّوْبِ الَّذِي يُمْكِنُ نَزْعُهُ صَحَّ الْبَيْعُ وَبَطَلَتْ بِهِ الْعَارِيَةُ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ رَدُّهَا غَيْرُ مُمْكِنٍ كَالْأَرْضِ إِذَا غُرِسَتْ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ لِأَنَّ مُدَّةَ بَقَاءِ الْغَرْسِ فِيهَا مَجْهُولَةٌ وَاسْتِرْجَاعُهَا غَيْرُ مُمْكِنٍ إِلَّا بِبَذْلِ قِيمَةِ الْغَرْسِ أَوْ أَرْشِ النَّقْصِ وَذَلِكَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الْمُعِيرِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَيُؤْخَذُ الْمُسْتَعِيرُ بِقَلْعِ الْغَرْسِ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ التَّسْلِيمِ كَمَا يُجْبَرُ عَلَى مُوَرَّثِهِ التسليم.

فَصْلٌ

: وَإِذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً ثُمَّ رَدَّهَا الْمُسْتَعِيرُ إلى اصطبل المعير لم يبرأ من ضمانها حَتَّى يَدْفَعَهَا إِلَى الْمُعِيرِ أَوْ إِلَى وَكِيلِهِ فِيهَا.

وَقَالَ أبو حنيفة يَبْرَأُ مِنْهَا بِرَدِّهَا إِلَى الِإصْطَبْلِ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ الِإصْطَبْلَ كَيَدِهِ لَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ سَارِقُهَا مِنَ الِإصْطَبْلِ إِذَا رَدَّهَا إِلَيْهِ أَنْ يَسْقُطَ عنه ضمانها كما يسقط بردها إلى بدء وَفِي بَقَاءِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَوْدُهَا إِلَى الِإصْطَبْلِ عَوْدٌ إِلَى يَدِهِ.

فَصْلٌ

: وَلَا يَجُوزُ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَأْخُذَ بِالْعَارِيَةِ رَهْنًا لِأَنَّ الرَّهْنَ فِي الْأَعْيَانِ لَا يَصِحُّ أَنْ يَأْخُذَ بِهَا ضَامِنٌ لِأَنَّ ضَمَانَ الْأَعْيَانِ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِالْيَدِ فَإِنَّ شَرَطَ عَلَيْهِ فِيهَا رَهْنًا أَوْ ضَامِنًا بَطَلَت

<<  <  ج: ص:  >  >>