شهر وعصاة بالجماع قبل شهر يصومه وإن من جامع قبل الشهر الآخر منهما أولى أن يجوز من الذي عصى الله بالجماع قبل الشهرين معا) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا يَخْلُو إِذَا صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ فِي شَهْرَيِ الظِّهَارِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَقْدَمَ شَهْرُ رَمَضَانَ فِي أَوَّلِ صَوْمِهِ فَيَصُومَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَشَوَّالٍ فَلَا يُجْزِيهِ شَهْرُ رَمَضَانَ عَنْ كَفَّارَتِهِ وَلَا يَوْمَ الْفِطْرِ مِنْ شَوَّالٍ وَبَنَى عَلَى مَا بَعْدَهُ مِنْ شَوَّالٍ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ صَوْمَ شَهْرَيْنِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ رَمَضَانَ إِنْ كَانَ قَدْ نَوَاهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ.
وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُؤَخِّرَ رَمَضَانَ فِي آخِرِ صَوْمِهِ فَيَصُومُ شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ فَلَا يُجْزِيهِ صَوْمُهُمَا أَمَّا رَمَضَانُ فَلِأَنَّهُ زَمَانُهُ يَمْنَعُ مِنْ إِيقَاعِ غَيْرِهِ فِيهِ وَأَمَّا شَعْبَانُ فَلِأَنَّ رَمَضَانَ قَدْ أَبْطَلَ تَتَابُعَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ صَوْمَ رَمَضَانَ وَيَسْتَأْنِفَ صَوْمَ شَهْرَيْنِ عَنْ كَفَّارَتِهِ.
وَالْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ شَهْرُ رَمَضَانَ فِي وَسَطِ صَوْمِهِ كَأَنَّهُ صَامَ مِنْ نِصْفِ شَعْبَانَ إِلَى نِصْفِ شَوَّالٍ فَيَعْتَدُّ مِنْ شَوَّالٍ بِمَا بَعْدَ يَوْمِ الْفِطْرِ مِنْهُ وَيَبْنِي عَلَيْهِ تَمَامَ شَهْرَيْنِ وَلَا يَعْتَدُّ بِمَا صَامَ مِنْ شَعْبَانَ لِقَطْعِ تَتَابُعِهِ بِشَهْرِ رَمَضَانَ وَيُعِيدُ صَوْمَ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ صَامَهُ عَنِ الظِّهَارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ:)
قَالَ الشافعي رحمه الله تعالى: {وَإِنَّمَا حُكْمُهُ فِي الْكَفَّارَاتِ حَيْنَ يُكَفِّرُ كَمَا حُكْمُهُ فِي الصَّلَاةِ حِينَ يُصَلِّي) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ وَالْوَطْءِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مُتَمَاثِلَةٌ وَأَنَّ أَبْدَالَهَا مُرَتَّبَةٌ يَلْزَمُ فِيهَا الْعِتْقُ وَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ إِلَى الصَّوْمِ إِلَّا بِالْإِعْسَارِ وَلَا يُعْدَلُ عَنِ الصَّوْمِ إِلَى الْإِطْعَامِ إِلَّا بِالْعَجْزِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ هَلْ يُرَاعَى بِالْكَفَّارَةِ حَالُ الْوُجُوبِ أَوْ حَالُ الْأَدَاءِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقَاوِيلَ:
أَحَدُهَا: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ كِتَابِ الظِّهَارِ أَنَّ الْمُرَاعَى بِهِ حَالُ الْأَدَاءِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَوَجْهُهُ شَيْئَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ حَقٌّ لَهُ بَدَلٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَعْتَبِرَ بِحَالِ أَدَائِهِ لَا حَالِ وُجُوبِهِ كَالطَّهَارَةِ لِأَنَّهَا إِذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ فَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ حَتَّى عَدِمَهُ جَازَ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَلَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ عَادِمٌ لِلْمَاءِ فَلَمْ يَتَيَمَّمْ حَتَّى وَجَدَ الْمَاءَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْأَدَاءِ فِي الْحَالَيْنِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ فَرْضٌ يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ بِحَسَبِ حَالِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ معتبراً بأدائه