وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إِذَا قَالَ: إِنْ دَخَلَتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: إِنْ طَلَّقْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَدَخَلَتِ الدَّارَ لَمْ تُطَلَّقْ إِلَّا وَاحِدَةً بِدُخُولِهَا.
وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، إِنْ قَالَ لَهَا: إِنْ دَخَلَتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: إِنْ وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَدَخَلَتِ الدَّارَ، طُلِّقَتْ ثنتين.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ فِي الْأُولَى جَعَلَ الشَّرْطَ إِحْدَاثَ الطَّلَاقِ فَإِذَا طُلِّقَتْ بِمَا تَقَدَّمَ لَمْ يَكُنْ مُحْدِثًا لَهُ فَلَمْ تُطَلَّقْ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جَعَلَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَهُوَ وَاقِعٌ مِنْ بَعْدُ وَإِنْ كَانَ بِعَقْدٍ مُتَقَدِّمٍ، فَلِذَلِكَ طُلِّقَتْ.
وَكَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَصَحُّ، وَلَوْ قَالَ: إِذَا وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَلَمْ يَقُلْ كلما، ثم طلقها واحدة طلقت ثنتين؛ لِأَنَّ إِذَا لَا تُوجِبُ التَّكْرَارَ، وَكُلَّمَا تُوجِبُ التَّكْرَارَ.
(فَصْلٌ:)
فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا لَمْ تُطَلَّقْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ الْمُبَاشِرَةُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ بَانَتْ بِهَا، فَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا بِالصِّفَةِ، بَعْدَ أَنْ بَانَتْ طَلَاقٌ.
وَلَكِنْ لَوْ قَالَ لَهَا وَهِيَ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا: إِنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَدَّمَ هَذَا الْقَوْلَ عَلَى تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْوَطْءِ، فَكِلَاهُمَا فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ، فَإِذَا وَطِئَهَا بِأَنْ غَيَّبَ الْحَشَفَةَ فِي الْفَرْجِ، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا، وَاحِدَةً بِالْوَطْءِ، وَثَانِيَةً بِالْأُولَى، لِأَنَّهَا بِالْوَطْءِ قَدْ صَارَتْ مَدْخُولًا بِهَا، تَجِبُ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا، وَثَالِثَةً بِالثَّانِيَةِ.
وَأَمَّا وُجُوبُ الْحَدِّ عَلَيْهِ بِوَطْئِهِ مَعَ وُقُوعِ الثَّالِثَةِ عَلَيْهِ، فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ حِينَ أَوْلَجَ نَزَعَ وَلَمْ يُعَاوِدْ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَدْ نَزَعَ ثُمَّ عَادَ، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَسْتَدِيمَهُ بَعْدَ الْإِيلَاجِ، مِنْ غَيْرِ نَزْعٍ، فَفِي وُجُوبِ الْحَدِّ وَجْهَانِ.
(فَصْلٌ:)
وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِعَةً، حِينَ قَالَ لَهَا: كُلَّمَا أَوْقَعْتُ عَلَيْكِ طَلَاقِي، فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً، لَمْ تُطَلَّقْ بِالْمُبَاشَرَةِ وَلَا بِالصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الْمُخْتَلِعَةَ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ.
وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُخْتَلِعَةٍ، فَقَالَ لَهَا: كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ خَالَعَهَا بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ، طُلِّقَتْ بِهَا، وَلَمْ تُطَلَّقْ غَيْرَهَا بِوُقُوعِهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ بَانَتْ بِالْخُلْعِ، كَمَا بَانَتْ بِالثَّلَاثِ.