وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَبِ وَإِنْ لَمْ يُشَارِكْهُ فِي الِاسْمِ لِمَا فِيهِ من صفتي الأب التي تميز بها عن سائر الأولياء، وهما الولادة، والتعصب، فبالولادة تميز عن الإخوة، وبالتعصب تَمَيَّزَ عَنِ الْجَدِّ لِلْأُمِّ، وَإِنْ كَانَ وَلِيُّ الْبِكْرِ عَصَبَةً رُوعِيَ حَالُهَا حينئذٍ، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ عَصَابِتِهَا تَزْوِيجُهَا سواء كانت عاقلة أو مجنونة وإن كانت كبيرة زوجها أقرب عصبتها إِنْ كَانَتْ عَاقِلَةً بِاخْتِيَارِهَا وَعَنْ إِذْنِهَا وَإِنْ كانت مجنونة لم يزوجوها؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهَا فِي الْجُنُونِ مُعْتَبَرٌ بِالنَّظَرِ فِي مصالحها ولا نظر للعصبات في مصالحها، وَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وِلَايَةٌ فِي حَالِهَا وَإِنْ كَانَ وَلِيُّ الْبِكْرِ الْحَاكِمَ، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ تَزْوِيجُهَا عَاقِلَةً كَانَتْ أَوْ مَجْنُونَةً؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْمَنَاكِحِ فَتُزَوَّجُ وَلَا مِنْ أَهْلِ الِاخْتِيَارِ فَتُسْتَأْذَنُ، وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً نُظِرَ فَإِنْ كَانَتْ عَاقِلَةً لَمْ يَكُنْ لِلْحَاكِمِ تَزْوِيجُهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَجْنُونَةً زَوَّجَهَا إِذَا رَأَى ذَلِكَ صَلَاحًا لَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَصَبَةِ تَزْوِيجُهَا فِي حَالِ جنونها.
والفرق بينها: أن للحاكم نظر في مصالحها شارك به الأب وفارق به العصبة ولذلك ولي على مالها، وإن لم يَلِيَ عَلَيْهِ الْعَصَبَةُ.
فَصْلٌ
وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ ابن ابن وله بنت ابن آخر فأراد أن يزوج ابن ابنه بنت ابْنِهِ فَإِنْ كَانَ أَبَوَاهُمَا بَاقِيَيْنِ لَمْ يَكُنْ له تزويجهما لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْجَدِّ مَعَ بَقَاءِ الْأَبِ وإن كان أبواها