أَحَدُهُمَا: يُجَابُ إِلَى طَلَبِهِ وَيُؤْخَذُ الْغَاصِبُ بِإِعْطَائِهِ مثل حنطته ليصل إلى مثل المغصوب الْمَغْصُوبَةُ لَا يَلْزَمُ غُرْمُ أَصْلِهَا لِنَقْصٍ إِنْ حَدَثَ فِيهَا أَوْ حَالٍ انْتَقَلَ عَنْهَا كَالثَّوْبِ إِذَا أَخْلَقَ وَالشَّاةِ إِذَا ذُبِحَتْ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَاسْتَقَرَّ مِلْكُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِالرِّضَا أَوْ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ مَعَ عَدَمِ الرِّضَا لَمْ يَخْلُ حَالُ الْأَرْضِ الَّتِي زَرَعَ فِيهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ لِمَالِكِ الزَّرْعِ فَلَهُ إِقْرَارُ الزَّرْعِ فِيهَا إِلَى الْحَصَادِ إِنْ شَاءَ وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْأَرْضِ قَبْلَ أَخْذِهَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ شَغَلَهَا بِالزَّرْعِ الصَّائِرِ إِلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ غَصْبًا وَزَرْعًا.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ لِلْغَاصِبِ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى اسْتِبْقَاءِ الزَّرْعِ فِي أَرْضِهِ إِلَى وَقْتِ حَصَادِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَلَهُ أَخْذُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِقَلْعِهِ لِحُصُولِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ بِالتَّعَدِّي.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُجْبَرُ الْغَاصِبُ عَلَى تَرْكِهِ إِنْ بَذْلَ لَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَجْرَ الْمِثْلِ مِنْ وَقْتِ التَّسْلِيمِ إِلَى وَقْتِ الْحَصَادِ لِحُصُولِ الْبَذْرِ فِي أَرْضِهِ بِاخْتِيَارِهِ.
والْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ لِأَجْنَبِيٍّ فَلِمَالِكِ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَ مَالِكَ الزَّرْعِ بِقَلْعِهِ إِلَّا أَنْ يَجِبَ إِلَى تَرْكِهِ رَاضِيًا بِأُجْرَةٍ أَوْ تَطَوُّعٍ لِأَنَّهُ مَغْصُوبٌ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ قَدْ صَارَ سُنْبُلًا فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَخْذُهُ فِي سُنَبُلِهِ وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْغَاصِبِ بِالْبَدَلِ لِأَنَّهُ فِي سُنْبُلِهِ قَدْ عَادَ إِلَى حَالِهِ قَبْلَ غَصْبِهِ ثُمَّ جَمِيعُ مَا لُزِمَ الْغَاصِبُ عَلَيْهِ مَؤُنَةُ سَقْيٍ وَعَمَلٌ فَمُتَطَوِّعٌ بِهِ مِنْ مَالِهِ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَأَمَّا الْعُشْرُ الْوَاجِبُ لِلْفُقَرَاءِ فهو حق لله تَعَالَى فِي الزَّرْعِ فَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ لِأَنَّهُ إِنْ قِيلَ إِنَّهُ يَجِبُ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ فَلَيْسَ الْغَاصِبُ مَالِكًا، وَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ يَجِبُ فِي عَيْنِ الزَّرْعِ فَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْغَاصِبِ فَإِنْ أُخِذَ مِنْهُ الْعُشْرُ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ نُظِرَ فَإِنْ أَخْذَهُ الْإِمَامُ أَجْزَأَ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ فَرَّقَهُ الْغَاصِبُ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَنِ الْوَاجِبِ فِيهِ لِعَدَمِ النِّيَّةِ مِنَ الْمَالِكِ فِي إِخْرَاجِهِ وَيَكُونُ الغاصب ضامن لِمَا أُخْرِجَ فَلَوْ أُخِذَ الْعُشْرُ مِنَ الْغَاصِبِ قَالَ لَا يُجْزِئُ أَخْذُهُ لِوَضْعِهِ الزَّكَاةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ مَا أَخَذَهُ الْوَالِي مِنْهُ وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْهُ جَبْرًا لِأَنَّ الْغَاصِبَ ضَامِنٌ لِمَا غَصَبَهُ مِنْهُ.
فَصْلٌ
: وَإِذَا غَصَبَ رجل بيضاً فراخاً أو فروخاً كَانَ مِلْكًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مِلْكِهِ ولو غصب منه شاة فأنزا عليه فَحْلُهُ فَوَضَعَتْ سَخْلًا كَانَ مِلْكًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِأَنَّ الْوَلَدَ تَبَعٌ لِلْأُمِّ فِي الْمِلْكِ وَلَوْ غَصَبَ مِنْهُ فَحْلًا فَأَنْزَاهُ عَلَى شَاةٍ لَهُ فَوَضَعَتْ سَخْلًا كَانَ لِلْغَاصِبِ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute