فَإِنْ كَانَتْ بَذْرًا فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ جَمْعُهُ مُمْكِنًا.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُمْكِنٍ. فَإِنْ كَانَ جَمْعُهُ مُمْكِنًا فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أحدهما: أن تقل مؤنة جمعه للمغصوب مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَ الْغَاصِبَ بِجَمْعِهِ وَرَدِّهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ تَكْثُرَ مَؤُنَةُ جَمْعِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ مِنِ اخْتِلَافِهِمْ فِيمَنْ غَصَبَ حِنْطَةً فِي بَلَدٍ فَنَقَلَهَا إِلَى غَيْرِهِ. هَلْ يُكَلَّفُ الْغَاصِبُ نَقْلَهَا وَرَدَّ عَيْنِهَا أَوْ يَجُوزُ لَهُ رَدُّ مِثْلِهَا عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَرُدُّ الْمَنْقُولَةَ بِعَيْنِهَا إِلَى الْبَلَدِ ويجمع الْمَبْذُورَةِ بِعَيْنِهَا مِنَ الْأَرْضِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لا يكلف نقل النقولة، وَلَهُ رَدُّ مِثْلِهَا وَلَا يُكَلَّفُ جَمْعَ الْمَبْذُورَةِ وَيَكُونُ فِي حُكْمِ مَا لَا يُمْكِنُ جَمْعُهُ مِنَ الْبَذْرِ، وَمَا لَا يُمْكِنُ جَمْعُهُ مِنَ الْحَبِّ وَكَانَ بَذْرًا فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُطَالِبَ الْغَاصِبَ بِمِثْلِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَصِيرَ عَلَيْهِ إِلَى نَبَاتِهِ وَإِمْكَانِ أَخْذِهِ فَإِنْ رَضِيَ بِالْمِثْلِ مَلَكَ الْمِثْلَ وَزَالَ مِلْكُهُ عَنِ الْبُذُورِ فَإِذَا نَبَتَ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ بِالْمِثْلِ وَإن صيرَ عَلَيْهِ إِلَى نَبَاتِهِ وَإِمْكَانِ أَخْذِهِ فَذَلِكَ لَهُ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ فِي أَرْضِ الْغَاصِبِ أَوْ فِي أَرْضِ أَجْنَبِيٍّ فَإِذَا صَارَ بَقْلًا يُمْكِنُ جَزُّهُ كَانَ فِي حُكْمِ مَا سَنَذْكُرُهُ فَلَوْ تَلِفَ الزَّرْعُ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ أَخْذِهِ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ تَلُفُّهُ قَبْلَ إِمْكَانِ أَخْذِهِ فِي حَالِ كَوْنِهِ حَبًّا فَنَقَلَهُ النَّمْلُ أَوْ بَعْدَ أَنْ نَبَتَ عَلَى حَدٍّ لَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ فَأَكَلَهُ الدُّودُ فَعَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُهُ بِالْقِيمَةِ دُونَ الْمِثْلِ فِي أَكْثَرِ أَحْوَالِهَا لِأَنَّ إِعْوَازَ أَخْذِهِ قَبْلَ التَّلَفِ بِتَعَدِّيهِ وَإِنْ كَانَ تَلَفُهُ بَعْدَ إِمْكَانِ أَخْذِهِ بَقَلًا ذَا قِيمَةٍ فَالْغَاصِبُ بَرِئَ مِنْ ضمانه لأنه بالترك بعد الممكنة مِنَ الْأَخْذِ قَاطِعٌ لِتَعَدِّي الْغَاصِبِ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ قَدْ صَارَ بَقْلًا ذَا قِيمَةٍ يُمْكِنُ أَخْذُهُ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَالَتَانِ. حَالَةٌ يَرْضَى بِأَخْذِهِ بَقْلًا وَحَالَةٌ يُطَالِبُ بِمِثْلِهِ حَبًّا فَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَقْلًا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بَقْلًا أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ حَبًّا رُدَّ عَلَى الْغَاصِبِ بِقَدْرِ النَّاقِصِ مِنَ الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بَقْلًا مِثْلَ قِيمَتِهِ حَبًّا أَوْ أَزْيَدَ مِنْ قِيمَةِ الْحَبِّ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْغَاصِبِ فَلَوْ كَانَتْ قَدْ نَقَصَتْ مِنْ قِيمَةِ الْحَبِّ فِي أَوَّلِ نَبَاتِهِ ثُمَّ زَادَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ تَمَامِهِ فَفِي ضَمَانِ الْغَاصِبِ لِذَلِكَ النَّقْصِ وَجْهَانِ. ذَكَرْنَاهَا فِي الْجَارِيَةِ الْمَغْصُوبَةِ إِذَا نَقَصَتْ بِمَرَضٍ ثُمَّ زَالَ النَّقْصُ بِزَوَالِ الْمَرَضِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ نَقْصٌ لَمْ يَسْتَقِرَّ فجرى مجرى نقص السوق.
الوجه الثَّانِي: أَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ الضَّمَانَ قَدْ لَزِمَ بِحُدُوثِ النَّقْصِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِحَادِثِ زِيَادَةٍ لَا يَمْلِكُهَا فَأَمَّا إِذَا قَالَ لَسْتُ أَرْضَى بِهِ بَقْلًا وَأُرِيدُ مِثْلَ الْمَغْصُوبِ مِنِّي حَبًّا ففيه وجهان:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute