للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب التعريض بالخطبة من الجامع من كتاب التعريض بالخطبة، وغير ذلك]

[مسألة]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعْرِيضَ فِي الْعِدَّةِ جائزٌ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ التعويض وقد ذكر القسم بَعْضَهُ وَالتَّعْرِيضُ كثيرُ وَهُوَ خِلَافُ التَّصْرِيحِ وَهُوَ تعريض الرجل للمرأة بما يدلها به على إرادة خطبتها بغير تصريح وتجيبه بمثل ذلك والقرآن كالدليل إذا أباح التعريض والتعريض عند أهل العلم جائزٌ سراً وعلانيةً على أن السر الذي نهي عنه هو الجماع قال امرؤ القيس.

(ألا زعمت بسباسة القوم أَنَّنِي ... كَبُرْتُ وَأَنْ لَا يُحْسِنَ السِّرَّ أَمْثَالِي)

(كذبت لقد أصبي عن الْمَرْءِ عِرْسَهُ ... وَأَمْنَعُ عِرْسِي أَنْ يُزَنِّ بِهَا الخالي)

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ النِّسَاءَ ثَلَاثٌ: خَلِيَّةٌ، وَذَاتُ زَوْجٍ، وَمُعْتَدَّةٌ.

فَأَمَّا الْخَلِيَّةُ الَّتِي لَا زوج لها وهي فِي عِدَّةٍ فَيَجُوزُ خِطْبَتُهَا بِالتَّعْرِيضِ وَالتَّصْرِيحِ وَأَمَّا ذَاتُ الزَّوْجِ فَلَا يحِلُّ خِطْبَتَهَا بِتَعْرِيضٍ وَلَا تَصْرِيحٍ، وَأَمَّا الْمُعْتَدَّةُ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ رَجْعِيَّةً.

وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ بَائِنًا لَا تَحِلُّ لِلزَّوْجِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ بَائِنًا تَحِلُّ لِلزَّوْجِ.

فَأَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الزوج أن يخطبها تصريحاً ولا تعريضاً؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الزَّوْجِيَّةِ عَلَيْهَا جَارِيَةٌ مِنْ وُجُوبِ النفقة ووقوع الطلاق، والظهار منها، وإنما يتوارثان إن مات أحدهما، ويعتد عِدَّةَ الْوَفَاةِ إِنْ مَاتَ الزَّوْجُ، وَمَتَى أَرَادَ الزوج رجعتها في العدة كانت زوجته.

فَصْلٌ

وَأَمَّا الْبَائِنُ لا تحل للزوج فالمطلقة ثلاثاً، أو المتوفى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَوَجَّهْ إِلَى الزَّوْجِ بَعْدَ مَوْتِهِ تَحْلِيلٌ وَلَا تَحْرِيمٌ، فَإِذَا كَانَتْ فِي عِدَّةٍ مِنْ وَفَاةِ زَوْجٍ فَحَرَامٌ أَنْ يُصَرِّحَ أَحَدٌ بِخِطْبَتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابَ أَجَلَهُ} (البقرة: ٢٣٥) يُرِيدُ بِالْعَزْمِ عَلَى عُقْدَةِ النِّكَاحِ التَّصْرِيحَ بِالْخِطْبَةِ وبقوله: {حتى يبلغ الكتاب أجله} يُرِيدُ بِهِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ، وَلِأَنَّ فِي الْمَرْأَةِ مِنْ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ وَالرَّغْبَةِ فِي الْأَزْوَاجِ مَا ربما يبعثها

<<  <  ج: ص:  >  >>