للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيُتْرَكُ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ جَيِّدُ التَّمْرِ مِنَ الْبُرْدِيِّ وَالْكَبِيسِ وَلَا يُؤْخَذُ الْجَعْرُورُ وَلَا مُصْرَانُ الْفَأْرَةِ ولا عذق ابن حبيق ويؤخذ وسط من التَّمْرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ تَمْرَهُ بَرْدِيًّا كُلَّهُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَوْ جَعْرُورًا كُلَّهُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذِهِ أَسْمَاءُ التَّمْرِ بِالْحِجَازِ، وَجُمْلَةُ ذلك أنه لا يخلو ثمر الرَّجُلِ مِنْ أَنْ يَكُونَ نَوْعًا أَوْ أَنْوَاعًا، فَإِنْ كَانَتْ نَوْعًا وَاحِدًا أُخِذَ مِنْهُ الزَّكَاةُ جَيِّدًا كَانَ أَوْ رَدِيئًا، وَإِنْ كَانَتْ أَنْوَاعًا مُخْتَلِفَةً فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ أَنْوَاعًا قَلِيلَةً مُتَمَيِّزَةً، كَنَوْعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، فَعَلَيْهِ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أن تكون أنواعاً كثيرة لا يمكن تمييزها، وَيَشُقُّ أَخْذُ الزَّكَاةِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَتَسَاوَى الْأَنْوَاعُ فِي الْقَدْرِ فَيَكُونُ كُلُّ نَوْعٍ مِنْهَا عَشْرَةَ أَوْسُقٍ، لَا يَزِيدُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، فَعَلَيْهِ إِخْرَاجُ زَكَاتِهِ مِنْ وَسَطِهِ لَا مِنْ جَيِّدِهِ وَلَا مِنْ رَدِيئِهِ، لِأَنَّ فِي أَخْذِهَا مِنْ جيده إضرار بِهِ، وَفِي أَخْذِهَا مِنْ رَدِيئِهِ إِضْرَارًا بِالْمَسَاكِينِ وفي أخذها من كل نوع مشقة، فدعته الضَّرُورَةُ إِلَى أَخْذِهَا مِنَ الْوَسَطِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَتَفَاضَلَ الْأَنْوَاعُ فِي الْقَدْرِ وَيَزِيدُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، فَيَكُونُ نَوْعٌ مِنْهَا عَشْرَةَ أَوْسُقٍ، وَنَوْعٌ آخَرُ عِشْرِينَ وَسْقًا، وَنَوْعٌ آخَرُ ثَلَاثِينَ وَسْقًا، فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْأَغْلَبِ وَالْأَكْثَرِ، وَيَكُونُ الْأَقَلُّ تَبَعًا، سَوَاءٌ كَانَ الْأَغْلَبُ جَيِّدًا أَوْ رَدِيئًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُؤْخَذُ من الوسط لأنه أعدل.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وإن كان له نخل مختلفة واحد يحمل في وقت والآخر حملين أو سَنَةٍ حِمْلَيْنِ فَهُمَا مُخْتَلِفَانِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْعَادَةُ الْجَارِيَةُ فِي النَّخْلِ وَالْأَشْجَارِ فَهِيَ: أَنْ تَحْمِلَ فِي السَّنَةِ حِمْلًا وَاحِدًا فَإِنْ شَذَّ بَعْضُهَا عَنِ الْجُمْلَةِ وَفَارَقَ مَأْلُوفَ الْعَادَةِ وَحَمَلَ في السنة حملين لم يضم كل واحد منهما إلى الآخر، وتميز كل واحد منهما بِحُكْمِهِ؛ لِأَنَّهُمَا ثَمَرَتَانِ، فَلَوْ كَانَ لَهُ نَخْلٌ آخَرُ فَحَمَلَ حِمْلًا وَاحِدًا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ ضَمَّهُ إِلَى مَا وَافَقَهُ مِنْ حِمْلَيْ تِلْكَ الشَّاذَّةِ، فَإِنْ وَافَقَ الْحِمْلَ الْأَوَّلَ ضُمَّ إِلَيْهِ دُونَ الثَّانِي، وَإِنْ وَافَقَ الثَّانِي ضم إليه دون الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>