ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَطَأَهَا فيحدث ذلك منه: فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ لِإِمْكَانِ حُدُوثِهِ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ بِالشَّكِّ.
وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ ذَاتِ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ يطأ، فالوصية صحيحة لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَقَدُّمُهُ وَالْحَمْلُ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الظَّاهِرِ فِي اللُّحُوقِ فَكَذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ.
فَصْلٌ:
فَإِذَا صَحَّتْ لَهُ الْوَصِيَّةُ فَسَوَاءٌ كَانَ الْحَمْلُ حُرًّا، أَوْ مَمْلُوكًا، لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْمَمْلُوكِ جَائِزَةٌ، إِلَّا أَنَّهَا فِي الْمَمْلُوكِ لِسَيِّدِهِ، وَفِي الْحُرِّ لَهُ، دُونَ غَيْرِهِ.
ثُمَّ إِنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، فَالْوَصِيَّةُ لَهُ.
وَإِنْ وَضَعَتْ ذكرا وأثنى كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، لِأَنَّهَا هِبَةٌ لَا مِيرَاثَ، إِلَّا أَنْ يُفَضِّلَ الْمُوصِي الذَّكَرَ عَلَى الأنثى. لو على هذه فيحمل على تفضيله.
فلو قال: إن وَلَدَتْ غُلَامًا فَلَهُ أَلْفٌ، وَإِنْ وَلَدَتْ جَارِيَةً فَلَهَا مِائَةٌ فَوَلَدَتْ غُلَامًا: اسْتَحَقَّ أَلْفًا، وَإِنْ ولدت جارية اسْتَحَقَّ الْغُلَامُ أَلْفًا وَالْجَارِيَةُ مِائَةً.
وَإِنْ وَلَدَتْ خُنْثَى دُفِعَ إِلَيْهِ مِائَةٌ لِأَنَّهَا يَقِينٌ، وَوَقَفَ تَمَامُ الْأَلْفِ حَتَّى يَسْتَبِينَ.
وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: إِنْ كَانَ فِي بَطْنِكِ غُلَامٌ فَلَهُ أَلْفٌ، وَإِنْ كَانَ فِي بَطْنِكِ جَارِيَةٌ فَلَهَا مِائَةٌ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً، كَانَ لِلْغُلَامِ أَلْفٌ وَلِلْجَارِيَةِ مائة.
فلو ولدت وَلَدَتْ غُلَامَيْنِ، أَوْ جَارِيَتَيْنِ، صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ، وَفِيهَا ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ حَكَاهَا ابْنُ سُرَيْجٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَدْفَعُوا الْأَلْفَ إِلَى أَيِّ الْغُلَامَيْنِ شاءوا والمائة إلى الجاريتين شاءوا. لأنها لأحدهما فلم تدفع إلى أحدهما، وَرُجِعَ فِيهَا إِلَى بَيَانِ الْوَارِثِ، كَمَا لَوْ أوصى له بِأَحَدِ عَبْدَيْهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَشْتَرِكُ الْغُلَامَانِ فِي الْأَلْفِ، وَالْجَارِيَتَانِ فِي الْمِائَةِ، لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِغُلَامٍ وَجَارِيَةٍ، وَلَيْسَ أَحَدُ الْغُلَامَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فَشَرَّكَ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يُرْجَعْ فِيهِ إِلَى خِيَارِ الْوَارِثِ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ اللَّذَيْنِ يملكهما الوارث، فجائز أَنْ يُرْجَعَ إِلَى خِيَارِهِ فِيهِمَا.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْأَلْفَ مَوْقُوفَةٌ بَيْنَ الْغُلَامَيْنِ، وَالْمِائَةَ مَوْقُوفَةٌ بين الجاريتين حتى يصطلحا عليهما بعد البلوغ، لأن الوصية لواحد فلم يشرك فيها بين اثنين وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ فِيهَا خِيَارٌ، فَلَزِمَ فِيهَا الْوَقْفُ.
فَصْلٌ:
وَلَوْ قَالَ: إِنْ كَانَ الَّذِي فِي بَطْنِكِ غُلَامٌ فَلَهُ أَلْفٌ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي بَطْنِكِ جَارِيَةٌ فَلَهَا مِائَةٌ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً.
فَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: إن كان في بطنك غلام فله الألف، لِأَنَّهُ إِذَا قَالَ إِنْ كَانَ الَّذِي فِي بَطْنِكِ غُلَامٌ فَقَدْ جَعَلَ كَوْنَ الْحَمْلِ غُلَامًا شَرْطًا فِي الْحَمْلِ وَالْوَصِيَّةِ مَعًا، فَإِذَا كَانَ الْحَمْلُ غُلَامًا وَجَارِيَةً لَمْ يُوجَدِ الشَّرْطُ كَامِلًا فَلَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ.