للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالرَّبِيعُ عَنْهُ وَهُمَا أَعْرَفُ بِمُرَادِهِ فَلَا وَجْهَ لِمَنْ وَهِمَ مِنْ أَصْحَابٍ فَسَوَّى بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ:)

فَأَمَّا إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَذْهَبُ وَإِنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَرَامًا كَالْأُمِّ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ ظَهْرَ الْأُمِّ مَحَلُّ الِاسْتِمْتَاعِ فَاخْتُصَّ بِتَحْرِيمِ الْمُظَاهَرَةِ وَلَيْسَ ظَهْرُ الْأَبِ مَحَلًّا لَهُ فَانْتَفَى عَنْهُ تَحْرِيمُ الْمُظَاهَرَةِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْأُمَّ مَحَلٌّ لِلطَّلَاقِ فَاخْتَصَّتْ بِالظِّهَارِ وَلَيْسَ الْأَبُ مَحَلًّا لَهُ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ ظِهَارٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ:)

وَلَوْ قَالَ: أَنَا عَلَيْكِ كَظَهْرِ أُمِّكِ كَانَ كِنَايَةً إِنْ أَرَادَ بِهِ الظِّهَارَ كَانَ مُظَاهِرًا وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا وَيَجْرِي مَجْرَى الطَّلَاقِ فِي قَوْلِهِ: أَنَا طَالِقٌ مِنْكِ حَيْثُ جَعَلْنَاهُ كِنَايَةً وَخَالَفَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا ظَاهَرَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا فَقَالَتْ لَهُ: أَنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَصِحَّ الظِّهَارُ مِنْهَا وَلَمْ تَلْزَمْهَا كَفَّارَةٌ.

وَقَالَ الحسن البصري، والنخعي: يكون مُظَاهِرَةً مِنْهُ كَالرَّجُلِ وَتَلْزَمُهَا الْكَفَّارَةُ بِالْعَوْدِ.

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَا تَكُونُ مُظَاهِرَةً مِنْ زَوْجِهَا فَإِنْ قَالَتْ ذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ لَزِمَتْهَا الْكَفَّارَةُ إِذَا تَزَوَّجَتْهُ لِرِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ قَالَتْ: إِنْ تَزَوَّجْتُ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَهُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ سَأَلَتْ عَنْ ذَلِكَ فَأُمِرَتْ أن تعتق رقبة وتزوجه وَهَذَا خَطَأٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: ٣] فَخَصَّ الرِّجَالَ، وَلِأَنَّهُ كَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَصَارَ مُعْتَبَرًا بِالطَّلَاقِ فِي الْإِسْلَامِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلطَّلَاقِ مِنَ النِّسَاءِ حُكْمٌ فَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ لِلظِّهَارِ مِنْهُنَّ حُكْمٌ.

فأما الخير فَلَا دَلِيلَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهَا بِالتَّكْفِيرِ مِنْ قَوْلِهَا ذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَنَ بِظِهَارِهَا يَمِينٌ فَأَمَرَهَا بِكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَاللَّهُ أعلم.

[(مسألة:)]

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَيَلْزَمُ الْحِنْثُ بِالظِّهَارِ كَمَا يَلْزَمُ بِالطَّلَاقِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>