للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

فَإِنْ قَطَعَ أَصَابِعَ الْكَفِّ كَمُلَتْ فِيهَا دِيَةُ الْكَفِّ، لِأَنَّ مَا أَبْقَاهُ مِنْهَا بَعْدَ قَطْعِ الْأَصَابِعِ مَسْلُوبُ الْمَنْفَعَةِ، وَتَكُونُ دِيَةُ الْيَدِ مُقَسَّطَةً عَلَى أَعْدَادِ الْأَصَابِعِ بِالسَّوِيَّةِ، فَيَجِبُ فِي كُلِّ إِصْبَعٍ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ، لِأَنَّهَا فِي الْمَعْهُودِ تَقَسَّطَتْ عَلَيْهَا خَمْسُونَ فَكَانَ قِسْطُ كل أصبع منها عشر، وَلَا يُفَضَّلُ إِبْهَامٌ عَلَى خِنْصَرٍ.

وَحُكِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ فَاضِلٌ بَيْنَ دِيَاتِ الْأَصَابِعِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ فَجَعَلَ فِي الْخِنْصَرِ سِتًّا، وَفِي الْبِنْصِرِ تِسْعًا، وَفِي الْوُسْطَى عَشْرًا، وَفِي السَّبَّابَةِ عَشْرًا، وَفِي الْإِبْهَامِ ثلاثة عشر، فقسط الخمسين على الأصابع الْكَفِّ هَذَا التَّقْسِيطَ الْمُخْتَلِفَ اعْتِبَارًا بِاخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ، وَلِأَنَّ الْبِنْصِرَ وَرَاءَ الْخِلَافِ وَهُوَ مَا رُوِيَ عن عمرو ابن شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَفِي الْيَدَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي الرِّجْلَيْنِ الدِّيَةِ وَفِي كُلِّ إِصْبَعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ ".

وَرَوَى أَوْسُ بْنُ مَسْرُوقٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " وَالْأَصَابِعُ سَوَاءٌ " قَالَ شُعْبَةُ: قُلْتُ لِغَالِبٍ التَّمَّارِ حِينَ رَوَى ذَلِكَ عَنْ أَوْسِ بْنِ مَسْرُوقٍ: عَشْرًا عَشْرًا؟ قَالَ: نَعَمْ.

وَرَوَى يَزِيدُ النَّحْوِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الْأَصَابِعُ سَوَاءٌ وَالْأَسْنَانُ سَوَاءٌ " وَهَذِهِ نُصُوصٌ لَا يَجُوزُ خِلَافُهَا، وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ أَنْ يُفَاضَلَ بَيْنَهُمَا لِتَفَاضُلِ الْمَنْفَعَةِ لَكَانَ ذَلِكَ فِي أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ، وَلَفُضِّلَتِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، وَالْقَوِيَّةُ عَلَى الضَّعِيفَةِ، وَالْكَبِيرَةُ عَلَى الصَّغِيرَةِ، وَلَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ اعْتِبَارًا بِمُطْلَقِ الِاسْمِ كَذَلِكَ فِي الْأَصَابِعِ.

(فَصْلٌ)

وَلَوْ جَنَى عَلَى يَدِهِ فَشُلَّتْ كَمُلَتْ دِيَتُهَا، وَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً بَعْدَ الشَّلَلِ، لِذَهَابِ مَنَافِعِهَا، كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى عَيْنِهِ فَذَهَبَ بَصَرُهَا، فَإِنْ شُلَّتْ إِصْبَعٌ مِنْهَا فَفِيهَا دِيَتُهَا، فَإِنْ قُطِعَتْ بَعْدَ الشَّلَلِ كَانَ فِيهَا حُكُومَةٌ لا تبلغ دية السليمة.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَفِي الرِّجْلَيْنِ الدِّيَةِ وَفِي كُلِّ إِصْبَعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِي الرِّجْلَيْنِ الدِّيَةِ [وَفِي كُلِّ إِصْبَعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>