للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُكِّنَ مِنْ سَكَنَهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ أُجْرَتُهَا وَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ سُكَنَاهَا.

(فَصْلٌ)

وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَتَعَذَّرَ الِاسْتِمْتَاعَ مِنْ جِهَتِهِمَا لِصِغَرِهِمَا وَأَنَّ الزَّوْجَ مِمَّنْ لَا يَطَأُ وَالزَّوْجَةُ مِمَّنْ لَا تُوطَأُ. فَفِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ؟ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَهَا النَّفَقَةُ وَهُوَ أَصَحُّ تَغْلِيبًا لِعِلْمِهَا بِالْحَالِ مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْعَجْزِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا نَفَقَةَ لَهَا اعْتِبَارًا بِتَعَذُّرِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْقَوْلُ فِي نفقة المريضة)

[(مسألة)]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَوْ كَانَتْ مَرِيضَةً لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهَا وَلَيْسَتْ كَالصَّغِيرَةِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا تَسْقُطُ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ بِالْمَرَضِ وَإِنْ سَقَطَتْ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بِالصِّغَرِ لِوُقُوعِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَرِيضَةَ فِي قَبْضَتِهِ لِمَا يَلْزَمُهَا مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا إِلَيْهِ، وَالصَّغِيرَةَ مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهَا إِلَيْهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ فِي الْمَرِيضَةِ اسْتِمْتَاعًا بِمَا سِوَى الْوَطْءِ، وَإِنَّهَا سَكَنٌ وَإِلْفٌ وَلَيْسَ فِي الصَّغِيرَةِ اسْتِمْتَاعٌ. وَلَيْسَتْ بِسَكَنٍ وَلَا إِلْفٍ. وَفَرْقٌ بَيْنَ تَعَذُّرِ جَمِيعِ الِاسْتِمْتَاعِ وَبَيْنَ تَعَذُّرِ بَعْضِهِ كَالرَّتْقَاءِ تَجِبُ نَفَقَتُهَا وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِصَابَتِهَا.

(الْقَوْلُ فِي حُكْمِ النَّفَقَةِ إِذَا كَانَ فِي الْجِمَاعِ ضَرَرٌ عَلَيْهَا)

(مَسْأَلَةٌ)

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ كَانَ فِي جِمَاعِهَا شِدَّةُ ضَرَرٍ مُنِعَ وَأُخِذَ بِنَفَقَتِهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا كان الجماع ينكأها وَيَنَالُهَا مِنْهُ شِدَّةُ ضَرَرٍ إِمَّا لِضُؤُولَةِ جَسَدِهَا وَضِيقِ فَرْجِهَا وَإِمَّا لِعَظْمِ خِلْقَةِ الزَّوْجِ وَغِلَظِ ذَكَرِهِ مُنِعَ مَنْ وَطْئِهَا لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مَا يُخَافُ مِنْ جِنَايَتِهِ عَلَيْهَا وَأَنَّهُ رُبَّمَا أَفْضَاهَا وَأَدَّى إِلَى تَلَفِهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ الْمُسْتَحَقَّ مَا اشْتَرَكَ فِي الِالْتِذَاذِ بِهِ غَالِبًا. فَإِذَا خَرَجَ عَنْ هَذَا الْحَدِّ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحَقًّا وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَيْبًا يُوجِبُ الْفَسْخَ. لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعَيْبَ مَا ثَبَتَ حُكْمُهُ فِي حَقِّ كُلِّ زَوْجٍ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مِثْلَهَا لَمْ يَكُنْ عَيْبًا فَسَقَطَ أَنْ يَكُونَ فِي حقها عيباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>