تَعَلَّقَ حُكْمُ الْإِحْرَامِ بِوَجْهِهَا فِي وُجُوبِ كَشَفِهِ وَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ حُكْمُهُ بِمَوْضِعٍ مِنْ بَدَنِهَا فِي الْمَنْعِ مِنْ لُبْسِ الْمَخِيطِ فِيهِ مَعَ جَوَازِ تَغْطِيَتِهِ.
وَالْخَامِسُ: أَنَّ مِنَ الْمُسْتَحَبِّ لَهَا أن تختضب لإحرامها بالحناء، ولا يكون عسفاً لرواية موسى بن عبيدة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ فَلْتُلَطِّخْ بَدَنَهَا بِالْحِنَّاءِ ". وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً أَخْرَجَتْ يَدَهَا لِتُبَايِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَرَآهَا بَيْضَاءَ، فَقَالَ: هَذه كَفُّ سبعٍ أَيْنَ الْحِنَّاءُ؟ ". وَلِأَنَّ فِيهِ مُبَايَنَةً لِلرِّجَالِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ لَعَنَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ. فَأَمَّا الْخِضَابُ فِي حَالِ إِحْرَامِهَا، فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَرِهْتُ ذَلِكَ لَهَا، وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا فِيهِ، وَإِنْ خَالَفَ أبو حنيفة فِيهِ، عَلَى مَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ مَعَهُ. ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ طَلَتْ يَدَهَا بِالْحِنَّاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَلُفَّ عَلَيْهَا الْخِرَقَ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَفَّتْ عَلَيْهَا الْخِرَقَ وَشَدَّتْهَا بِالْعَصَائِبِ، فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ لُبْسَ الْقُفَّازَيْنِ جَائِزٌ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا، وَإِنْ قُلْنَا: إِنْ لُبْسَ الْقُفَّازَيْنِ غَيْرُ جَائِزٍ، وَأَنَّ الْفِدْيَةَ فِي لُبْسِهِمَا وَاجِبَةٌ، فَهَلْ عَلَيْهَا الْفِدْيَةُ فِي الْخِرَقِ وَالْعَصَائِبِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: عَلَيْهَا الْفِدْيَةُ تَشَبُّهًا بِالْقُفَّازَيْنِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا تَشَبُّهًا بِالْكُمَّيْنِ.
فَصْلٌ: مَا تُخَالِفُ فِيهِ الْمَرْأَةُ الرجل في الوقوف
فَأَمَّا مَا تُخَالِفُهُ فِيهِ مِنْ هَيْئَاتِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، فَثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الرَّجُلَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ رَاكِبًا، وَالْمَرْأَةُ نَازِلَةٌ عَلَى الْأَرْضِ، لِأَنَّهُ أَصْوَنُ لَهَا وَأَسْتَرُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَرْأَةَ يُخْتَارُ لَهَا أَنْ تَكُونَ بِعَرَفَةَ جَالِسَةً وَالرَّجُلِ قَائِمًا.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْمَرْأَةَ يُخْتَارُ لَهَا أَنْ تَكُونَ فِي حَاشِيَةِ الْمَوْقِفِ وَأَطْرَافِ عَرَفَةَ، وَالرَّجُلَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ السُّودِ.
فَصْلٌ: مَا تخالف فيه المرأة الرجل في الطواف
فَأَمَّا مَا تُخَالِفُهُ فِي هَيْئَاتِ الطَّوَافِ فَثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الرَّجُلَ مَأْمُورٌ بِالِاضْطِبَاعِ فِيهِ، وَالرَّمَلِ، وَالْمَرْأَةُ مَنْهِيَّةٌ عَنْ ذَلِكَ، بَلْ تَمْشِي على هيئتها وستر جَمِيعِ بَدَنِهَا.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَطُوفَ لَيْلًا، لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا، وَالرَّجُلُ يَطُوفُ ليلاً ونهاراً.