للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ كَانَ قَدْ بَنَاهُ بِآلَةِ نَفْسِهِ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَالِاسْتِنَادِ عَلَيْهِ.

وَلَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْجُلُوسِ فِي الْقَرَارِ وَالِارْتِفَاقِ بِهِ فَلَوْ كَانَ لَهُ مِنْ قَبْلُ رَسْمٌ فِي وَضْعِ جِذْعٍ أَوْ نَصْبِ رَفٍّ أَوْ إِيتَادِ وَتِدٍ كَانَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الرَّسْمُ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ جَارِيًا بِهِ. لِأَنَّ رَسْمَهُ كَانَ فِي حَائِطِهِ الْمَبْنِيِّ بآلته.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَنَقْضُ الْجُدْرَانِ لَهُ وَمَتَى شَاءَ أَنْ يَهْدِمَهَا هَدَمَهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ.

إِذَا تَطَوَّعَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ بِبِنَاءِ السُّفْلِ، ثُمَّ أَرَادَ هدمه لم تخل الآلة التي بنا بِهَا السُّفْلَ مِنْ أَنْ تَكُونَ مِلْكًا لَهُ أَوْ مِلْكًا لِصَاحِبِ السُّفْلِ. فَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِصَاحِبِ السُّفْلِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِالنَّفَقَةِ وَلَيْسَ لَهُ هَدْمُ الْبِنَاءِ، لِأَنَّ النَّفَقَةَ أَثَرٌ لَا عَيْنٌ.

وَلَيْسَ لَهُ فِي هَدْمِ ذَلِكَ نَفْعٌ فَصَارَ كمن غصب نقرة فضربها دراهما، أَوْ غَزْلًا فَنَسَجَهُ ثَوْبًا، أَوْ طِيبًا فَضَرَبَهُ لَبِنًا، لَمْ يَكُنْ لَهُ إِعَادَةُ الدَّرَاهِمِ نَقْرَةً، وَالثَّوْبِ غَزْلًا، وَاللَّبَنِ طِينًا، لِأَنَّهُ عَيْبٌ لَا يَسْتَفِيدُ بِهِ نَفْعًا.

وَإِنْ كَانَتِ الْآلَةُ مِنَ الْآجُرِّ وَالْجِصِّ وَاللَّبِنِ وَالطِّينِ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ فَلَهُ هَدْمُ ذَلِكَ وَاسْتِرْجَاعُ آلَتِهِ لِيَصِلَ بِذَلِكَ إِلَى عَيْنِ مَالِهِ.

فَإِنْ بَذَلَ لَهُ صَاحِبُ السُّفْلِ قِيمَةَ ذَلِكَ، فَهَلْ يُجْبَرُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ عَلَى قَبُولِهَا أَمْ لَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْقَوْلَيْنِ.

إِنْ قِيلَ: إِنَّ صَاحِبَ السُّفْلِ يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ إِذَا سَأَلَهُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ.

يَجْبَرُ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ إِذَا بَذَلَهَا صَاحِبُ السُّفْلِ، لِأَنَّهُ بَذَلَ لَهُ مَا لَوْ طَالَبَ بِهِ مِنْ قَبْلُ لَلَزِمَهُ.

وَإِنْ قِيلَ إِنَّ صَاحِبَ السُّفْلِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ.

لَمْ يُجْبَرْ صَاحِبُ الْعُلُوِّ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ إِذَا تَطَوَّعَ بِالْبِنَاءِ، لِأَنَّهُ بَذَلَ لَهُ مَا لَوْ طولب به لم يلزمه.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَكَذَلِكَ الشُّرَكَاءُ فِي نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ لَا يُجْبَرُ أَحَدُهُمْ عَلَى الْإِصْلَاحِ لِضَرَرٍ وَلَا غَيْرِهِ وَلَا يُمْنَعُ الْمَنْفَعَةَ فَإِنْ أَصْلَحَ غَيْرَهُ فَلَهُ عَيْنُ مَالِهِ مَتَى شَاءَ نَزَعَهُ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>