للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهَكَذَا: لَوْ وَلَدَتْ أَوْلَادًا، وَكَانَ بَيْنَ أَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ الْوَلَدِ الْوَاحِدِ، لِأَنَّهُمْ مِنْ حَمْلٍ وَاحِدٍ.

وَلَوْ كان بين بعضهم وبعضهم سِتَّةُ أَشْهُرٍ لَاخْتَلَفَ حُكْمُهُمْ لِاخْتِلَافِ حَمْلِهِمْ وَإِنْ كَانَ حَادِثًا بَعْدَ الْقَبُولِ فَهُوَ أَنْ تَضَعَهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ حِينِ قَبُولِهِ فَهَذَا حُرُّ الْأَصْلِ، لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ رِقٌّ، وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِلْأَبِ، وَتَصِيرُ الْأُمُّ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، لِأَنَّهَا عُلِقَتْ بِهِ فِي مِلْكٍ لَا في نكاح.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " فإن مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ أَوْ يَرُدَّ قَامَ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ فَإِنْ قَبِلُوا فَإِنَمَا مِلْكُوا أَمَةً لأبيهم وأولاد أبيهم الذين ولدت بعد موت سيدها أحرارا وَأُمُّهُمْ مَمْلُوكَةٌ وَإِنْ رَدُّوا كَانُوا مَمَالِيكَ وَكَرِهْتُ ما فعلوا (قال المزني) لو مات أبوهم قبل الملك لم يجز أن يملكوا عنه ما لم يملك ومن قوله أهل شوال ثم قبل كانت الزكاة عليه وفي ذلك دليل على أن الملك متقدم ولولا ذلك ما كانت عليه زكاة ما لا يملك ".

قال الماوردي: هذا صحيح. وجملته: أن موت الموصي لا يخلو أن يكون في حياة الموصى له أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ.

فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، فَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أن الوصية له قد بطلت، وليس لوارثه قَبُولُهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي.

وَحُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصَرِيِّ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِهِ وَلِوَرَثَتِهِ قبولها.

وهذا فاسد من وجهين: أن الوصية في غير حَيَاةِ الْمُوصِي غَيْرَ لَازِمَةٍ. وَمَا لَيْسَ بِلَازِمٍ مِنَ الْعُقُودِ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ، وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ، لَا لِوَرَثَتِهِ. وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الْوَصِيَّةَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي.

وَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ، بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، لَمْ يَخْلُ حَالُ الْمُوصَى لَهُ قبل موته مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ قَدْ رَدَّ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَقَدْ بَطَلَتْ بِرَدِّهِ: وَلَيْسَ لِوَارِثِهِ قبولها بعد موته إجماعا.

والحالة الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ قَدْ قَبِلَهَا، قَبْلَ مَوْتِهِ، وبعد موت الموصي، فقد ملكها، أو انتقلت بِمَوْتِهِ إِلَى وَارِثِهِ.

وَسَوَاءٌ قَبَضَهَا الْمُوصَى لَهُ فِي حَيَاتِهِ أَمْ لَا، لِأَنَّ الْقَبْضَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي تَمَلُّكِ الْوَصِيَّةِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ قَبُولِهِ وَرَدِّهِ.

فَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: يَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي الْقَبُولِ وَالرَّدِّ، وَلَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِمَوْتِهِ قَبْلَ الْقَبُولِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>