أحدهما: أَنْ يَأْمُرَهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ نَقْدًا، فَلَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالنَّسَاءِ وَلَا أَنْ يَبِيعَ بِالنَّسَاءِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِالنَّسَاءِ فَيَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ بِالنَّقْدِ وَالنَّسَاءِ، أَمَّا النَّقْدُ فَلِأَنَّهُ أَحَظُّ، وَأَمَّا النَّسَاءُ فَلَمَّا كَانَ الْإِذْنُ فَلَوْ نَهَاهُ عَنِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِالنَّقْدِ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ لِلْعَامِلِ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّغْرِيرِ بِتَأْخِيرِ النَّسَاءِ، وَخَالَفَ الْوَكِيلَ وَصَارَ عَقْدُ الْقِرَاضِ بَاطِلًا.
وَلَا يَجُوزُ لَهُ مَعَ إِذْنِ النَّسَاءِ أَنْ يَشْتَرِيَ وَيَبِيعَ سَلَمًا، لِأَنَّ عَقْدَ السَّلَمِ أَكْثَرُ غَرَرًا مِنَ النَّسَاءِ فِي الْأَعْيَانِ، فَإِنْ أُذِنَ لَهُ فِي الشِّرَاءِ سَلَمًا جَازَ، وَإِنْ أُذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ سَلَمًا لَمْ يَجُزْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وُجُودُ الْحَظِّ غَالِبًا فِي الشِّرَاءِ وَعَدَمُهُ فِي الْبَيْعِ وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يُطْلِقَ الْإِذْنَ له بالبيع والشراء من غير أن يذكرله نَقْدًا أَوْ نَسَاءً فَقَدْ قَالَ أبو حنيفة يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ بِالنَّقْدِ وَالنَّسَاءِ، وَبِمِثْلِهِ قَالَ فِي الْوَكِيلِ مَعَ إِطْلَاقِ الْإِذْنِ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْإِذْنِ يَقْتَضِي عُمُومَ الْحَالَيْنِ.
وَلَا يَجُوزُ لَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مَعَ إِطْلَاقِ الْإِذْنِ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ إِلَّا بِالنَّقْدِ لِأَنَّ الْآجَالَ لَا تَثْبُتُ فِي الْعُقُودِ إِلَّا بِشَرْطٍ كَالْأَثْمَانِ.
فَصْلٌ
: فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنَ النَّسَاءِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَعَاقَدَ بِالنَّسَاءِ فَذَلِكَ نَوْعَانِ: بَيْعٌ وَشِرَاءٌ، فَأَمَّا الشِّرَاءُ فَضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَشْتَرِيَ بِالنَّسَاءِ فِي مَالِ الْقِرَاضِ فَيَكُونُ الشِّرَاءُ بَاطِلًا.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَشْتَرِيَ بِالنَّسَاءِ فِي ذِمَّتِهِ فَيَكُونُ الشِّرَاءُ لَازِمًا لَهُ.
وَأَمَّا الْبَيْعُ فَبَاطِلٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْمَبِيعِ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ، فَإِنْ قَبَضَهُ ضَمِنَهُ حِينَئِذٍ بِالْإِقْبَاضِ وعليه واسترجاعه مَا كَانَ بَاقِيًا، فَإِنْ تَلِفَ فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ بِضَمَانِهِ وَغُرْمِهِ مَنْ شَاءَ مِنَ العامل أو المشتري، فإذا أُغْرِمَ الْعَامِلُ رَجَعَ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ أُغْرِمَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْعَامِلِ لِأَنَّ الْغُرْمَ ثَبَتَ عَلَى مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ التَّلَفُ.
فَصْلٌ
: فَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ: اعْمَلْ فِي الْقِرَاضِ بِرَأْيِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعَاقِدَ بِالنَّسَاءِ لَا بَيْعًا وَلَا شِرَاءً لِأَنَّ عَمَلَهُ بِرَأْيِهِ يَنْصَرِفُ إِلَى تَدْبِيرِهِ وَاجْتِهَادِهِ فِي وُفُورِ الْأَرْبَاحِ وَالْتِمَاسِ النَّمَاءِ دُونَ النساء.
[فصل]
: وإذا قارضه عل غَيْرِ مَالٍ لِيَشْتَرِيَ بِالنَّسَاءِ فَإِنَّ الْقِرَاضَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْأَعْيَانِ، وَلَا يَصِحُّ فِي الذمم.