للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا يَتَدَاوَلُهُ النَّاسُ كَثِيرًا وَيَتَعَامَلُونَ بِهِ غَالِبًا فَفِي جَوَازِ حَمْلِهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ لِمَا يَلْحَقُ بِهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ الْغَالِبَةِ مِنَ التَّحَرُّزِ مِنْهَا.

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا أَحَادِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكُتُبُ الْفِقْهِ الَّتِي لَا قُرْآنَ فِيهَا فَيَجُوزُ لَهُمْ حَمْلُهَا وَكَذَلِكَ الْأَدْعِيَةُ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ مُخْتَصَّةٌ بِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُنَزَّلِ، فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ فِيهِ آيٌ مِنَ الْقُرْآنِ مِثْلُ كِتَابِ الْمُزَنِيِّ وَغَيْرِهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ لَهُمْ حَمْلُهَا تَغْلِيبًا لِحُرْمَةِ الْقُرْآنِ وَالثَّانِي: يَجُوزُ لَهُمْ حَمْلُهَا اعْتِبَارًا بِالْأَغْلَبِ فِيهَا. فَأَمَّا تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ فَإِنْ كَانَ مَا فِيهِ مِنَ الْقُرْآنِ الْمَتْلُوِّ أَكْثَرَ مِنْ تَفْسِيرِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ حَمْلُهُ لِأَنَّنَا إِنْ غَلَّبْنَا حُرْمَةَ الْقُرْآنِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنِ اعْتَبَرْنَا الْأَغْلَبَ فَالْقُرْآنُ هُوَ الْأَغْلَبُ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ التَّفْسِيرُ فِيهِ أَكْثَرَ فَعَلَى وَجْهَيْنِ إِنْ غَلَّبْنَا حُرْمَةَ الْقُرْآنِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ غَلَّبْنَا الْأَغْلَبَ مِنَ الْمَكْتُوبِ جَازَ، فَأَمَّا الثِّيَابُ الَّتِي قَدْ كُتِبَ عَلَى طَرَزِهَا آيٌ مِنَ الْقُرْآنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ لُبْسُهَا وَجْهًا وَاحِدًا لِأَنَّ الْكِتَابَةَ كُلَّهَا قُرْآنٌ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِلُبْسِهَا التَّبَرُّكُ بِمَا عَلَيْهَا مِنَ الْقُرْآنِ.

فَصْلٌ:

فَأَمَّا التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ فَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْمُحْدِثَ مَمْنُوعٌ مَنْ حَمْلِهَا لِأَنَّهَا كُتُبُ اللَّهِ تَعَالَى مُنَزَّلَةٌ كَالْقُرْآنِ، وَذَهَبَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مَنْ حَمَلَهَا لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ فقصرت حرمتها عَنْ حُرْمَةِ الْقُرْآنِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا مُبْدَلَةٌ لِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ يُبْدُونَهَا وَيُخْفُونَ كَثِيرًا وَالْمُبْدَلُ لَا حُرْمَةَ لَهُ.

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا حَمْلُ الْمُصْحَفِ مَعَ قُمَاشٍ هُوَ فِي جُمْلَتِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْقُرْآنَ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ حَمْلُهُ وَإِنْ كَانَ جُمْلَةُ الْقُمَاشِ مَقْصُودًا فَفِي جَوَازِ حَمْلِهِمْ لَهُ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ لَهُ تَغْلِيبًا لِحُرْمَةِ الْقُرْآنِ.

وَالثَّانِي: يَجُوزُ اعْتِبَارًا بِالْأَغْلَبِ، وَقَدْ حَكَاهُ حَرْمَلَةُ عَنِ الشَّافِعِيِّ.

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا الصِّبْيَانُ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يُمْنَعُونَ مِنْ حَمْلِ الْمُصْحَفِ وَالْأَلْوَاحِ الَّتِي فِيهَا الْقُرْآنُ إِذَا كَانُوا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ على وجهين:

<<  <  ج: ص:  >  >>