[(مسألة: حكم مس فرج الصغير)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " مِنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ لَا فَرْقَ بين أن يمس الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِهِ، قَالَ مَالِكٌ وَالزُّهْرِيُّ لَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِمَسِّ فَرْجِ الصَّغِيرِ تَعَلُّقًا بِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَسَّ ذَبِيبَةَ الْحَسَنِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ النَّظَرُ إِلَيْهِ لَمْ يَنْتَقِضْ بِمَسِّهِ الْوُضُوءُ كَسَائِرِ الْبَدَنِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَنْتَقِضِ الْوُضُوءُ بِلَمْسِ الصَّغِيرَةِ فَلَمْ يَنْتَقِضِ الْوُضُوءُ بِمَسِّ فَرْجِ الصَّغِيرِ، وَدَلِيلُنَا حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " من مس الفرج الوضوء "، وَلَمْ يُفَرِّقْ وَلِأَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ كَانَ الْخَارِجُ مِنْهُ نَاقِضًا لِلْوُضُوءِ وَكَانَ مَسُّهُ نَاقِضًا لِلْوُضُوءِ قِيَاسًا عَلَى فَرْجِ الْكَبِيرِ وَلِأَنَّ كُلَّ مَسٍّ لَوْ كَانَ مَعَ الْكَبِيرِ نَقَضَ الْوُضُوءَ، وَجَبَ إِذَا كَانَ مَعَ الصَّغِيرِ أَنْ يَنْتَقِضَ الْوُضُوءَ كَالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ خَبَرِهِمْ فَهُوَ أَنْ لَا دَلِيلَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ مَسَّهُ وَصَلَّى قَبْلَ وُضُوئِهِ فَيُحْمَلْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَوَضَّأْ فِي الْحَالِ حَتَّى قَامَ عَنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ النَّظَرَ إِلَيْهِ غَيْرَ مُحَرَّمٍ فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ مَا تَعَلَّقَ بِهِ نَقْضُ الْوُضُوءِ اسْتَوَى فِيهِ ما يحل ويحرم، ألا ترى الملامسة، فلا فَرْقَ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِهَا بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِأَنَّ لَمْسَ الصَّغِيرِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ قُلْنَا فِيهِ مَذْهَبَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَنْقُضُ.
وَالثَّانِي: لَا يَنْقَضُ.
فَعَلَى هَذَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنَّ مَسَّ الْفَرْجِ أَغْلَظُ حُكْمًا مِنَ الْمُلَامَسَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِاخْتِلَافِ الْجِنْسَيْنِ فَيَكُونُ مِنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَلَا يَكُونُ مِنَ الذكرين ولا بين الأنثين فَجَازَ أَنْ يُخْتَصَّ بِالْكِبَارِ دُونَ الصِّغَارِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَسُّ الْفَرْجِ لِاسْتِوَاءِ الْحُكْمِ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِهِ بَيْنَ الذَّكَرَيْنِ وَالْأُنْثَيَيْنِ، فَاسْتَوَى بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ فَعَلَى هَذَا لَوْ مَسَّ مِنْ ذَكَرِ الصَّغِيرِ الْأَغْلَفِ مَا يُقْطَعُ فِي الْخِتَانِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الذَّكَرِ مَا لَمْ يُقْطَعْ، وَلَوْ مَسَّهُ بَعْدَ قَطْعِهِ لَمْ ينتقض وضوءه لأنه باين من الذَّكَرِ فَلَمْ يَنْطَلِقِ اسْمُ الذَّكَرِ عَلَيْهِ.
(مَسْأَلَةٌ: حكم مس فرج الميت)
قال الشافعي رضي الله عَنْهُ: " الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَالْوُضُوءُ ينقض بِمَسِّ فَرْجِ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِعُمُومِ الْخَبَرِ فِي الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ، وَلِأَنَّ حُرْمَةَ الْمَيِّتِ فِي تَحْرِيمِ النَّظَرِ إِلَى عَوْرَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute